أمر الله به من إمساكهن بمعروف أو تسريحهن باحسان (وَلا تَنْكِحُوا ما) بمعنى من (نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا) لكن (ما قَدْ سَلَفَ) من فعلكم ذلك فإنه معفو عنه (إِنَّهُ) أي نكاحهن (كانَ فاحِشَةً) قبيحا (وَمَقْتاً) سببا للمقت من الله وهو أشد البغض (وَساءَ) بئس (سَبِيلاً) (٢٢) طريقا ذلك (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) أن تنكحوهن وشملت الجدات من قبل الأب أو الأم (وَبَناتُكُمْ) وشملت بنات الأولاد وإن سفلن (وَأَخَواتُكُمْ) من جهة الأب أو الأم (وَعَمَّاتُكُمْ) أي أخوات آبائكم وأجدادكم (وَخالاتُكُمْ) أي أخوات أمهاتكم وجداتكم (وَبَناتُ الْأَخِ
____________________________________
وإنما أسند للنساء مجازا عقليا من الإسناد للسبب.
قوله : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) شروع منه سبحانه وتعالى في المحرمات من النساء على الرجال ، وابتدأ بتحريم زوجة الأب اعتناء بها ، فإن الجاهلية كانوا يفعلون ذلك كثيرا ، ولما كان ذلك الأمر قبيحا شرعا وطبعا ، أفرده بالنهي ولم يدرجه في جملة المحرمات الآتية. قوله : (ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) المراد بالنكاح العقد ، وبالآباء الأصول وإن علوا ، فمتى عقد أحد من أصولك على امرأة ، فلا يحل لك ولا لأحد من ذريتك تزوجها بحال ، وهذه إحدى المحرمات بالصهر ، وهن أربع ، والباقي زوجة الابن ، وأم الزوجة ، وبنت الزوجة ، وكل ذلك يحصل التحريم فيه بمجرد العقد ، إلا بنت الزوجة فلا يحرمها إلا الدخول بأمها ، والمراد بالدخول عند مالك التلذذ مطلقا وإن لم تكن خلوة ، وعند الشافعي لا بد من الوطء ، وأما جارية الأب فلا تحرم على الابن ، إلا إن تلذذ بها الأب ، وسيأتي في الآية تحريم باقي الأصهار. قوله : (مِنَ النِّساءِ) بيان لما التي بمعنى من ، وعبر بما التي لغير العاقل غالبا ، إشارة إلى أن النساء ناقصات عقل. قوله : (إِلَّا) (لكن) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع ، لأن النهي مستقبل ، والاستثناء ماض ، ولا يستثنى الماضي من المستقبل ، وفي الحقيقة الاستثناء من قوله بعد (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) الخ ، وحكمة هذا الاستثناء دفع توهم أن من فعله ، ولو قيل بالتحريم يحصل له هذا الوعيد الشديد.
قوله : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) علة لقوله : (وَلا تَنْكِحُوا) وكان إمّا صلة ، أو مجردة عن معنى الزمان الماضي ، فهي بمعنى صار. قوله : (وَساءَ سَبِيلاً) مقول لقول محذوف معطوف على فاحشة ، أي ومقولا فيه ساء سبيلا ، ويحتمل أنه كلام مستأنف لإنشاء الذم. قوله : (ذلك) قدره إشارة إلى المخصوص بالذم ، والمعنى أن من تزوج بزوجة الأب بعد التحريم ، ارتكب أمرا قبيحا ، واستحق أشد البغض من الله ، وسلك طريقا قبيحا خبيثا.
قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) شروع في ذكر المحرمات بالنسب ، وأمهات جمع أم ، فالهاء زائدة في الجمع ، للفرق بين جمع من يعقل ومن لا يعقل ، وهذا على أن المفرد أم ، وإما على أن المفرد أمهة فليست زائدة ، وقد يتعاكس على الأول ، فيقال في العقلاء أمات ، وفي غيرهم أمهات. قوله : (تنكحوهن) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، لأن الذوات لا تحرم ، وإنما التحريم متعلق بالفعل. قوله : (وشملت بنات الأولاد) أي ذكورا وإناثا. قوله : (وَأَخَواتُكُمْ) جمع أخت ، يقال في الأنثى أخت ، وفي الذكر أخ ، وجمع الأول أخوات ، والثاني إخوة. قوله : (من جهة الأب أو الأم) أي ومن باب أولى الشقيقات. قوله : (أي أخوات آبائكم) أي مطلقا شقيقات أو لأب أو لأم. قوله : (وأجدادكم) أي وإن علوا. قوله : (أي أخوات أمهاتكم) أي مطلقا شقيقات أو لأب أو لأم. قوله : (وجداتكم) أي وإن