بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (٨٠) لا ينبغي له هذا (وَ) أذكر (إِذْ) حين (أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) عهدهم (لَما) بفتح اللام للابتداء وتوكيد معنى القسم الذي في أخذ الميثاق وكسرها متعلقة بأخذ ، وما موصولة على الوجهين أي الذي (آتَيْتُكُمْ) إياه وفي قراءة آتيناكم (مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) من الكتاب والحكمة وهو محمد صلىاللهعليهوسلم (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) جواب القسم إن أدركتموه وأممهم تبع لهم في ذلك (قالَ) تعالى لهم (أَأَقْرَرْتُمْ) بذلك (وَأَخَذْتُمْ) قبلتم (عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) عهدي (قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا) على أنفسكم
____________________________________
قوله : (كما اتخذت الصابئة الخ) هم فرقة من اليهود صبؤوا بمعنى مالوا عن دين موسى إلى عبادة الملائكة وقالوا إنهم بنات الله. قوله : (واليهود عزيرا) أي حيث رأوه يحفظ التوراة. قوله : (والنصارى عيسى) أي حيث رأوه جاء من غير أب ويحيى الموتى. قوله : (لا ينبغي له هذا) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري تعجبي ، نظير قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ).
قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) إذ ظرف لمحذوف قدره المفسر بقوله اذكر ، والمراد ذكر العهد نفسه لا ذكر وقته ، والميثاق هو عهد مؤكد باليمين ، واختلف فيه هل كان ذلك في عالم الدر ، وعليه يكون قوله آتيتكم من كتاب وحكمة في عالم الأشباح ، فالمعاهدة لما يأتي أو كان ذلك في عالم الأشباح ، وكانت تلك المعاهدة تنزل في كتبهم ، وعليه تكون المعاهدة في الحالة الراهنة ، واختلف في الرسول المعاهد عليه في جميع الأنبياء ، فذهب جماعة من الصحابة والتابعين ، منهم سعيد بن جبير وطاوس إلى أن كل نبي يعاهد على من يأتي بعده من الأنبياء ، فأخذ العهد على آدم إن جاءه رسول مصدق لما معه ليؤمنن به ولينصرنه ، وكذلك شيث أخذ عليه العهد ، وهكذا إلى إبراهيم إلى موسى إلى بقية أنبياء بني إسرائيل ، إلى عيسى ، فهو صلىاللهعليهوسلم معاهد عليه مع كل نبي في عموم الأنبياء ، ومع عيسى عوهد عليه بالخصوص ، وهي حكمة قوله تعالى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) وذهب جماعة أخرى من الصحابة منهم ابن عباس وعلي بن أبي طالب والسدي وقتادة ، إلى أن المراد بالرسول المعاهد عليه هو سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم فأخذ الله العهد على كل نبي بإنفراده لئن جاءه محمد وهو حي مصدق لما معه ليؤمنن به ولينصرنه ، وعليه فلو ظهر محمد في زمن أي نبي من الأنبياء ، لبطل شرع ذلك النبي وكان هو وأمته من أتباعه ، واقتصر على هذا القول المفسر ، قال السبكي يؤخذ من الآية على هذا التفسير أنه نبي الأنبياء وأن الأنبياء نوابه ، والحكمة في تلك المعاهدة ارتباط أولهم بآخرهم ، وبيان عصمتهم من داء الحسد ، من الأمم التي تكفر بالرسول المبعوث. قوله : (وتوكيد معنى القسم) أي مؤكدة لليمين المأخوذ من الميثاق ، فإنه تقدم أن معنى الميثاق عهد مؤكد بيمين. قوله : (متعلقة بأخذ) أي على أنها للتعليل مع حذف المضاف ، أي لرعاية وحفظ ما آتيتكم. قوله : (وما موصولة) على الوجهين وهي على الأول مبتدأ وآتيتكم صلتها ، وقوله : (مِنْ كِتابٍ) بيان لما (وَحِكْمَةٍ) معطوف على (كِتابٍ). وقوله : (ثُمَّ جاءَكُمْ) معطوف على آتيتكم و (مُصَدِّقٌ) صفة لرسول ، وقوله : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) جواب القسم ، وخبر المبتدأ محذوف تقديره تؤمنون به وتنصرونه ، والضميران في (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) راجعان للرسول ، واستشكل عود الضمير على الرسول ، مع أن المبتدأ في الحقيقة الكتاب والحكمة ، وانظر ما الجواب. قوله : (أَأَقْرَرْتُمْ) بتخفيف الهمزتين بألف بينهما وتركها ، وتسهيل الثانية بألف وبدونها ، وبإبدال الثانية ألفا ، فالقراءات خمس. قوله : (عهد) سمي العهد بالإصر لأن فيه مشقة.