غَفُوراً رَحِيماً) (١٠٦) (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) يخونونها بالمعاصي لأن وبال خيانتهم عليهم (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً) كثير الخيانة (أَثِيماً) (١٠٧) أي يعاقبه (يَسْتَخْفُونَ) أي طعمة وقومه حياء (مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) بعلمه (إِذْ يُبَيِّتُونَ) يضمرون (ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) من عزمهم على الحلف على نفي السرقة ورمي اليهودي بها (وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) (١٠٨) علما (ها أَنْتُمْ) يا (هؤُلاءِ) خطاب لقوم طعمة (جادَلْتُمْ) خاصمتم (عَنْهُمْ) أي عن طعمة وذويه وقرىء عنه (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) إذا عذبهم (أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (١٠٩) يتولى أمرهم ويذب عنهم أي لا أحد يفعل ذلك (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً) ذنبا يسوء به غيره كرمي طعمة اليهودي (أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) بعمل ذنب قاصر عليه (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ) منه أي يتب (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً) له (رَحِيماً) (١١٠) به (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) ذنبا (فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) لأن وباله عليها ولا يضر غيره (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (١١١) في صنعه (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً) ذنبا صغيرا (أَوْ إِثْماً) ذنبا كبيرا (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) منه (فَقَدِ احْتَمَلَ) تحمل (بُهْتاناً) برميه (وَإِثْماً مُبِيناً) (١١٢) بينا بكسبه (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ) يا محمد (وَرَحْمَتُهُ) بالعصمة (لَهَمَّتْ) أضمرت (طائِفَةٌ مِنْهُمْ) من قوم طعمة (أَنْ يُضِلُّوكَ) عن
____________________________________
(عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ) أي كطعمة وقومه المعينين فإنهم شركاء في الإثم. قوله : (مَنْ كانَ خَوَّاناً) صيغة مبالغة بمعنى كثير الخيانة ، لأنه وقعت منهم خيانات كثيرة ، أولا السرقة ، ثم اتهام اليهودي ، ثم الحلف كاذبا ، ثم الشهادة زورا. إن قلت : إن مقتضى الآية إن الله يحب من كان عنده أصل الخيانة مع أنه ليس كذلك. أجيب : بأن ذلك بالنظر لمن نزلت فيهم وهو طعمة وقومه ، فالواقع أن عندهم خيانات كثيرة. قوله : (أي يعاقبه) تفسير لعدم محبة الله له. قوله : (يَسْتَخْفُونَ) أي يطلبون الخفاء والستر ، وهذه الجملة مستأنفة بيان لطلبهم الستر من الناس. قوله : (وَهُوَ مَعَهُمْ) الجملة حالية. قوله : (يضمرون) هذا هو المراد من التبييت هنا ، وإلا فهو في الأصل تدبير الأمر ليلا. قوله : (علما) تمييز محول عن الفاعل.
قوله : (ها أَنْتُمْ) ها للتنبيه أي تنبهوا يا مخاطبون في المجادلة عن السارق. قوله : (وقرىء) أي شذوذا. قوله : (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً) حث وتحريض لطعمة على التوبة ، ومع ذلك لم يتب. قوله : (اليهودي) مفعول لرمي وطعمة فاعلة. قوله : (قاصر عليه) كاليمين الكاذبة. قوله : (أي يتب) المراد التوبة الصادقة بشروطها ، فليس المراد مجرد الاستغفار باللسان مع الإصرار ، فإنه توبة الكذابين. قوله : (ذنبا) أي متعلقا به أو بغيره. قوله : (ولا يضر غيره). إن قلت : إن معصية طعمة أصابت قومه فضرتهم. أجيب : بأن ضررهم إنما جاء من كسبهم ، لمعاونتهم له ، وشهادتهم الزور معه ، وعزمهم على الحلف كذبا. قوله : (ثُمَّ يَرْمِ بِهِ) أي بالخطيئة والإثم ، وإنما أفرد الضمير لأن العطف بأو. قوله : (بَرِيئاً) صفة لموصوف محذوف ، أي شخصا بريئا.
قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ) الخ جوابها قوله : (لَهَمَّتْ). واستشكل بأن الوهم قد وقع منهم ،