إباحة (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) يكسبنكم (شَنَآنُ) بفتح النون وسكونها بغض (قَوْمٍ) لأجل (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) عليهم بالقتل وغيره (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ) فعل ما أمرتم به (وَالتَّقْوى) بترك ما نهيتم عنه (وَلا تَعاوَنُوا) فيه حذف إحدى التاءين في الأصل (عَلَى الْإِثْمِ) المعاصي (وَالْعُدْوانِ) التعدي في حدود الله (وَاتَّقُوا اللهَ) خافوا عقابه بأن تطيعوه (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢) لمن خالفه (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) أي أكلها (وَالدَّمُ) أي المسفوح كما في الأنعام (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) بأن ذبح على اسم غيره (وَالْمُنْخَنِقَةُ) الميتة خنقا (وَالْمَوْقُوذَةُ)
____________________________________
في المائدة منسوخ غير هذه الآية. قوله : (أمر إباحة) دفع بذلك ما يقال إن الأمر يقتضي الوجوب على المحرم إذا حل من إحرامه أن يصطاد.
قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) هذه الآية نزلت عام الفتح حين تمكن النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه من مكة وأهلها ، فنهاهم الله تعالى عن التعرض للكفار بالقتال والإيذاء ، والمعنى لا تعاملوهم مثل ما كانوا يعاملونكم به ، ولذا ورد أن رسول الله لما دخل مكة قال : «اذهبوا أنتم الطلقاء. أنا قائل لكم كما قال أخي يوسف لإخوته : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ)». وبسبب ذلك صاروا مؤمنين ، ولذا قال البوصيري :
ولو أنّ انتقامه لهوى النّف |
|
س لدامت قطيعة وجفاء |
وقرأ الجمهور بفتح الياء من جرم الثلاثي واختلفوا في معناه ، فقيل معناه لا يكسبنكم ، وقيل معناه لا يحملنكم. قوله : (بفتح النون وسكونها) أي فهو مصدر شنىء كعلم فهو سماعي ، ومن المادة قول العرب : مشنوء من يشنؤك ، أي مبغوض من يبغضك ، وقوله تعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) أي باغضك. قوله : (لأجل) (أَنْ صَدُّوكُمْ) أشار بذلك إلى أنه مفعول لأجله ، فهو علة للشنآن ، أي لا يحملنكم بغضكم لقوم لأجل صدهم إياكم عن المسجد الحرام. قوله : (أَنْ تَعْتَدُوا) أي بأن تعتدوا وعلى أن تعتدوا ، فمتى أسلموا فهم إخوانكم فلا تتعرضوا لهم. قوله : (فعل ما أمرتم به) قال ابن عباس : البر متابعة السنة. قوله : (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) في الآية وعيد وتهديد عظيم.
قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) هذا شروع في بيان ما أجمل أولا في قوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) وذكر في هذه الجملة العظيمة أحد عشر كلها محرمة ، منها عشرة مطعومة وواحد غير مطعوم ، وهو قوله وأن تستقسموا بالأزلام. قوله : (الْمَيْتَةُ) فيه رد على جاهلية العرب حيث قالوا كما حكى الله عنهم ، وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ، وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء ، وعلى المشركين حيث أحلّوا أكلها مطلقا. قوله : (أي المسفوح) أي السائل. قوله : (كما في الأنعام) أي في قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) الآية ، وأما غير المسفوح كالكبد والطحال والدم الباقي في العروق فهو طاهر ، ويجوز أكله.
قوله : (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) أي ولو ذكي وهو نجس كله ، ما عدا الشعر إن جز ، عند مالك ، فهو طاهر ويجوز استعماله. قوله : (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) الإهلال رفع الصوت ، والأظهر أن اللام بمعنى الباء ، والباء بمعنى عند ، والمعنى وما رفع الصوت عند ذكاته بغير الله ، أي باسم غير الله ، كما إذا قال باسم