المقتولة ضربا (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) الساقطة من علو إلى سفل فماتت (وَالنَّطِيحَةُ) المقتولة بنطح أخرى لها (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) منه (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) أي أدركتم فيه الروح من هذه الأشياء فذبحتموه (وَما ذُبِحَ عَلَى) اسم (النُّصُبِ) جمع نصاب وهي الأصنام (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا) تطلبوا القسم والحكم (بِالْأَزْلامِ) جمع زلم بفتح الزاي وضمها مع فتح اللام قدح بكسر القاف صغير لا ريش له ولا
____________________________________
اللات أو العزى ، قال تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) فإن جمع بين اسم الله واسم غيره غلب اسم الله وتؤكل ، لأنه يعلو ولا يعلى عليه ، والموضوع أن ذلك وقع من كتابي ، وأما من مسلم فهو مرتد لا تؤكل ذبيحته ، وهذا مذهب مالك بن أنس ، ومراد مالك بأهل الكتاب الذين تؤكل ذبيحتهم ، إن لم يذكروا اسم غير الله عليه اليهود والنصارى ، ولو غيروا وبدلوا. قوله : (بأن ذبح على اسم غيره) المناسب أن يقول بأن صرح عند ذبحها باسم غيره ، ليندفع التكرار بين ما هنا وبين ما يأتي في قوله : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ).
قوله : (وَالْمُنْخَنِقَةُ) كانوا في الجاهلية يخنقون الشاة ، حتى إذا ماتت أكلوها ، فحرم الله ذلك. قوله : (وَالْمَوْقُوذَةُ) كانوا في الجاهلية يضربون الشاة بنحو العصا حتى تموت ويأكلونها. قوله : (وَالنَّطِيحَةُ) فعيلة بمعنى مفعولة. قوله : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) كانوا في الجاهلية إذا جرح السبع شيئا وأكل منه أكلوا ما بقي ، والسبع اسم لكل ما يفترس من ذي الناب ، كالأسد والذئب ونحوهما وقوله : (أي أدركتم فيه الروح) أي مع بقاء الحياة المستقرة ، بحيث يتحرك بالاختيار أو يبصر بالاختيار ، ولو نفذت مقاتله ، وهذا مذهب الشافعي ، ومذهب مالك لا بد من استقرار الحياة مع عدم إنفاذ المقاتل ، فما أدرك بذكاة وهو مستقر الحياة ، وكان قبل إنفاذ مقتله أكل ، وإلا فلا يؤكل ، ولو ثبتت له حياة مستقرة ، والمقاتل هي : قطع النخاع ، ونثر الدماغ ، وفري الودج ، وثقب المصران ، ونثر الحشوة. وفي شق الودج قولان ، والاستثناء راجع للمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ، وما أكل السبع وهو متصل على كلا المذهبين مع مراعاة الشرط المتقدم عند كل.
قوله : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) أي ذكر اسم الصنم على ذلك المذبوح ، فإن فعل ذلك مسلم لولي ، وقصد التقريب له كما يتقرب لله فهو مرتد لا تؤكل ذبيحته ، وأما إن قصد أن الذبح لله وثوابه للولي فلا بأس بذلك ، فإن نذر ذبيحته لولي ميت كالسيد البدوي مثلا ، فإن قصد انتفاعه بها كالحي فهو نذر باطل ، وأما إن قصد أنها تذبح في محله من غير قصد فقراء ذلك المحل ، فلا يسوقها لذلك المحل ، بل يذبحها بأي محل شاء ، قال مالك : سوق الهدايا لغير مكة ضلال ، وأما إن قصد بسوقها فقراء ذلك المحل لزمه سوقها. قوله : (وهي الأصنام) سميت الأصنام نصبا ، لأنها تنصب وترفع لتعظم وتعبد. قوله : (تطلبوا القسم) بالكسر ما قسم لكم من خير أو شر ، وبالفتح أي تمييزه ، لأن القسم بالفتح تمييز الأنصباء ، وبالكسر الحظ والنصيب. قوله : (مع فتح اللام) راجع لكل منهما. قوله : (وكانت سبعة) أي وكانت أزلامهم سبعة قداح مستوية ، مكتوب على واحد منها أمرني ربي ، وعلى واحد منها نهاني ربي ، وعلى واحد منكم ، وعلى واحد من غيركم ، وعلى واحد ملصق ، وعلى واحد العقل ، وواحد غفل ، أي ليس عليه شيء ، وكانوا في الجاهلية إذا أرادوا أمرا من سفر أو غيره ، جاؤوا إلى هبل ، وهو أعظم صنم بمكة ،