تَجْهَلُونَ) (١٣٨) حيث قابلتم نعمة الله عليكم بما قلتموه (إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ) هالك (ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٣٩) (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً) معبودا وأصله أبغي لكم (وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (١٤٠) في زمانكم بما ذكره في قوله (وَ) اذكروا (إِذْ أَنْجَيْناكُمْ) وفي قراءة أنجاكم (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ) يكلفونكم ويذيقونكم (سُوءَ الْعَذابِ) أشده وهم (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ) يستبقون (نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ) الانجاء أو العذاب (بَلاءٌ) إنعام أو ابتلاء (مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (١٤١) أفلا تتعظون فتنتهون عما قلتم (وَواعَدْنا) بألف ودونها (مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً) نكلمه عند انتهائها بأن يصومها وهي ذو القعدة فصامها فلما تمت أنكر
____________________________________
تعالى لا تضرهم في الدين ، وعلى كل فهذه المقالة في شرعنا ردة ، والجار والمجرور مفعول ثان ، والهاء مفعول أول ، وقوله : (كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) صفة لإلها ، وما اسم موصول ، ولهم صلتها ، وآلهة بدل الضمير المستتر في لهم ، والتقدير اجعل إلها لنا كالذي استقر لهم الذي هو آلهة. قوله : (إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ) جملة مستأنفة قصد بها توبيخهم وزجرهم. قوله : (ما هُمْ فِيهِ) أي من الدين الباطل ، وهو عبادة الأصنام.
قوله : (قالَ أَغَيْرَ اللهِ) الاستفهام للإنكار والتوبيخ. قوله : (أَبْغِيكُمْ) أي أطلب واقصد لكم. قوله : (وأصله أبغي لكم) أي فحذف الجار فاتصل الضمير. قوله : (وَهُوَ فَضَّلَكُمْ) الجملة حالية من لفظ الجلالة. قوله : (في زمانكم) أي بإنجائكم وإغراق عدوكم ، وإنزال المن والسلوى عليكم ، وليس تفضيلهم على جميع العالمين ، فإن أمة محمد صلىاللهعليهوسلم أفضل من جميع الأمم. قوله : (وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ) هذا من كلام موسى ، فإسناد الإتجاه إليه مجاز ، لكونه على يده وسببا فيه حيث ضرب بعصاه البحر فانفلق. قوله : (وفي قراءة أنجاكم) أي وهي ظاهرة ، فإن الفاعل ضمير عائد على الله ، وهما قراءتان سبعيتان. قوله : (يَسُومُونَكُمْ) من السوم وهو الآذاقة.
قوله : (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ) قدر المفسر (هم) إشارة إلى أن يقتلون بيان ليسومونكم. قوله : (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) أي لخدمتهم. قوله : (الانجاء أو العذاب) أشار بذلك إلى اسم الإشارة يصح عوده على الإنجاء ومعنى كونه بلاء أنه يختبرهم هل يشكرون فيؤجروا ، أو يكفرون فيعاقبوا ، وعوده على العذاب ظاهر ، فالابتلاء كما يكون في الشر ، يكون في الخير ، قال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) فالشكر على النعمة موجب لزيادتها كما أن الصبر على البلايا ، موجب لرضا الله ، قال تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ). قوله : (بألف ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى الألف من المواعدة ، وهي مفاعلة من الجانبين ، فمن الله الأمر ، ومن العبد القبول ، وعلى حذف الألف ، فالوعد من الله لا غير وهو ظاهر.
قوله : (ثَلاثِينَ لَيْلَةً) إنما عبر بالليالي دون الأيام ، مع أن الصيام في الأيام ، لأن موسى كان صائما تلك المدة ليلا ونهارا مواصلا وحرمة الوصال على غير الأنبياء ، فعبر بالليالي لدفع توهم اقتصاره على صوم النهار فقط ، قال المفسرون إن موسى عليه الصلاة والسّلام وعد بني إسرائيل إذا أهلك الله تعالى عدوهم.