أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) بالألف ودونها أي التحية أو الانقياد بقوله كلمة الشهادة التي هي أمارة على الإسلام (لَسْتَ مُؤْمِناً) وإنما قلت هذا تقية لنفسك ومالك فتقتلوه (تَبْتَغُونَ) تطلبون بذلك (عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) متاعها من الغنيمة (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) تغنيكم عن قتل مثله لما له (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) تعصم دماؤكم وأموالكم بمجرد قولكم الشهادة (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) بالاشتهار بالإيمان والاستقامة (فَتَبَيَّنُوا) أن تقتلوا مؤمنا وافعلوا بالداخل في الإسلام كما فعل بكم (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٩٤) فيجازيكم به (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) عن الجهاد (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) بالرفع صفة والنصب استثناء من زمانه أو عمى أو نحوه (وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ) لضرر (دَرَجَةً) فضيلة لاستوائهما في النية وزيادة المجاهدين بالمباشرة (وَكُلًّا) من الفريقين (وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) الجنة (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ) لغير ضرر (أَجْراً عَظِيماً) (٩٥) ويبدل منه (دَرَجاتٍ مِنْهُ) منازل بعضها فوق بعض من الكرامة (وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) منصوبان بفعلهما المقدر
____________________________________
ما وقع من الصحابة. قوله : (في الموضعين) أي هنا ، وقوله فيما يأتي : (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا) ، وبقي موضع ثالث في الحجرات وهو قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) وفيه القراءتان ، ويحتمل أن قوله في الموضعين أي ما هنا بشقيه والحجرات والأول أقرب. قوله : (بالألف ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وروي عن عاصم كسر السين وسكون اللام وهي بمعنى المفتوحة. قوله : (أي التحية أو الانقياد) لف ونشر مرتب. قوله : (التي هي أمارة على إسلامه) تقدم أنه وقع منه الأمران.
قوله : (تَبْتَغُونَ) النهي منصب على القيد والمقيد ، وليس كقولهم لا تطلب العلم تبتغي به الدنيا قوله : (فَعِنْدَ اللهِ) تعليل للنهي المذكور. قوله : (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أي كنتم مثله في مبدإ الإسلام. قوله : (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) أي قبل منكم النطق بالشهادتين ، ولم يأمر بالبحث عن سرائركم. قوله : (فَتَبَيَّنُوا) أي في المستقبل في مثل هذه الوقعة فهو تأكيد لفظي ، وقيل ليس تأكيد الاختلاف متعلقيهما ، لأن الأول فيمن تقتلونه ، والثاني في شأن نعمة الله عليكم بالإسلام لتشكروه.
قوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) متعلق بمحذوف حال من (الْقاعِدُونَ). قوله : (بالرفع صفة) أي لقوله : (الْقاعِدُونَ) إما لأن غير إذا وقعت بين ضدين قد تتعرف ، أو لأن أل في القاعدون للجنس فأشبه النكرة ، والأظهر أنه مرفوع على البدلية من القاعدون! لأنه لا يشترط استواء البدل والمبدل منه تعريفا أو تنكيرا. قوله : (والنصب استثناء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (من زمانه) بيان للضرر وهي المرض ، وقوله : (أو نحوه) أي كالعرج. قوله : (فضيلة) أي في الآخرة ، والمعنى أن من تقاعد عن القتال لمرض ونحوه ، فهو ناقص عن المباشرين للجهاد درجة لأنهم استووا معهم في الجهاد بالنية ، وإنما زاد المجاهدون بالمباشرة ، وكل من القسمين وعده الله بالجنة. قوله : (الجنة) أي لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم.
قوله : (دَرَجاتٍ) قيل سبعة وقيل سبعون وقيل سبعمائة ، كل درجة كما بين السماء والأرض.