بمن يستحله أو بأن هذا جزاؤه إن جوزي ولا بدع في خلف الوعيد لقوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وعن ابن عباس أنها على ظاهرها وأنها ناسخة لغيرها من آيات المغفرة وبينت آية البقرة أن قاتل العمد يقتل به وأن عليه الدية إن عفى عنه وسبق قدرها وبينت السنة أن بين العمد والخطأ قتلا يسمى شبه العمد وهو أن يقتله بما لا يقتل غالبا فلا قصاص فيه بل دية كالعمد في الصفة والخطأ في التأجيل والحمل وهو والعمد أولى بالكفارة من الخطأ. ونزل لما مر نفر من الصحابة برجل من بني سليم وهو يسوق غنما فسلم عليهم فقالوا ما سلم علينا إلا تقية فقتلوه واستاقوا غنمه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ) سافرتم للجهاد (فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) وفي قراءة بالمثلثة في الموضعين (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ
____________________________________
الثالث أشار له المفسر بقوله : (وعن ابن عباس الخ). قوله : (وأنها ناسخة) الأولى مخصصة ، وكلام ابن عباس خارج مخرج الزجر والتشديد ، وليس على حقيقته على مقتضى مذهب أهل السنة. قوله : (وسبق قدرها) أي في تفسير الآية التي قبلها. قوله : (أن بين العمد والخطأ الخ) سبق للمفسر أنه أدخله في الخطأ بقوله أو ضربه بما لا يقتل غالبا. قوله : (يسمى شبه العمد) أي فأشبه العمد من حيث تغليظ الدية بكونها من ثلاثة أنواع : ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ، وأشبه الخطأ من حيث كونه لا قصاص فيه وهذا مذهب الشافعي ، وعند أبي حنيفة لا يقتص من القاتل إلا إذا قتله بآلة محددة كسيف وبندق وإلا فيلزمه الدية ، وعند مالك يقتص من القاتل إذا قتل بأي آلة ولو بضرب كف أو سوط لا بكمروحة. قوله : (في الصفة) أي من حيث كونها من ثلاثة أنواع. قوله : (في التأجيل) أي كونها على ثلاث سنين وقوله : (والحمل) أي كون العاقلة تحملها. قوله : (وهو) أي شبه العمد ، وقوله : (أولى بالكفارة) أي فتجب وهذا مذهب الشافعي ، وعند مالك ليس كالخطأ ، بل تستحب الكفارة فقط. قوله : (ونزل لما مر نفر الخ) هذه رواية ابن عباس في سبب نزول الآية ، روي عنه أيضا أنها نزلت في رجل من بني مرة بن عون يقال له مرداس بن نهيك ، وكان من أهل فدك ، لم يسلم من قومه غيره! فلما سمعوا بسرية رسول الله صلىاللهعليهوسلم هربوا وبقي ذلك الرجل ، فلما رأى الخيل خاف أن لا يكونوا مسلمين ، فألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد هو الجبل ، فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون ، فعرف أنهم من أصحاب رسول الله ، فكبّر ونزل وهو يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله السّلام عليكم ، فتغشاه أسامة بن زيد بسيفه فقتله واستاق غنمه ، ثم رجعوا إلى رسول الله فأخبروه الخبر ، فوجد رسول الله من ذلك وجدا شديدا ، وكان قد سبقهم الخبز ، فقال عليه الصلاة والسّلام أقتلتموه إرادة ما معه ، ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أسامة هذه الآية ، فقال أسامة : استغفر لي يا رسول الله ، فقال : كيف أنت بلا إله إلا الله يقولها ثلاث مرات ، قال أسامة : فما زال رسول الله يكررها حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ، ثم استغفر له رسول الله وقال اعتق رقبة. وروي عن أسامة أنه قال : قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح ، فقال : أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها خوفا أم لا.
قوله : (فَتَبَيَّنُوا) أي تمهلوا حتى يكشف لكم حقيقة الأمر ، وما وقع من الصحابة اجتهاد ، غير أنهم مخطئون فيه ، حيث اعتمدوا على مجرد الظن ، فلذا عاتبهم الله على ذلك ، وهذا مرتب على وعيد القاتل عمدا ، أي حيث ثبت الوعيد العظيم للقاتل عمدا ، فالواجب التثبت والتحفظ ، فرتب على ذلك