تطلعونهم على سركم (مِنْ دُونِكُمْ) أي غيركم من اليهود والنصارى والمنافقين (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) نصب بنزع الخافض أي لا يقصرون لكم في الفساد (وَدُّوا) تمنوا (ما عَنِتُّمْ) أي عنتكم وهو شدة الضرر (قَدْ بَدَتِ) ظهرت (الْبَغْضاءُ) العداوة لكم (مِنْ أَفْواهِهِمْ) بالوقيعة فيكم واطلاع المشركين على سركم (وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ) من العداوة (أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) على عداوتهم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (١١٨) ذلك فلا توالوهم (ها أَنْتُمْ) للتنبيه يا (أُولاءِ) المؤمنين (تُحِبُّونَهُمْ) لقرابتهم منكم وصداقتهم (وَلا يُحِبُّونَكُمْ) لمخالفتهم لكم في الدين (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) أي بالكتب كلها ولا يؤمنون بكتابكم (وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ) أطراف الأصابع (مِنَ الْغَيْظِ) شدة الغضب لما يرون من ائتلافكم ويعبر عن شدة الغضب بعض الأنامل مجازا وإن لم يكن ثم عض (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) أي ابقوا عليه إلى الموت فلن تروا ما يسركم (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١١٩) بما في القلوب ومنه ما يضمره هؤلاء (إِنْ تَمْسَسْكُمْ) تصبكم (حَسَنَةٌ) نعمة كنصر وغنيمة (تَسُؤْهُمْ) تحزنهم (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ) كهزيمة وجدب (يَفْرَحُوا بِها) وجملة الشرط متصلة بالشرط قبل وما بينهما اعتراض والمعنى أنهم متناهون في عداوتكم فلم توالونهم فاجتنبوهم (وَإِنْ تَصْبِرُوا) على أذاهم (وَتَتَّقُوا) الله في موالاتهم وغيرها (لا يَضُرُّكُمْ) بكسر الضاد وسكون الراء وضمها وتشديدها (كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ) بالياء والتاء (مُحِيطٌ) (١٢٠) عالم فيجازيهم به (وَ) اذكر يا محمد (إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) من المدينة (تُبَوِّئُ) تنزل (الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ) مراكز يقفون فيها (لِلْقِتالِ وَاللهُ سَمِيعٌ)
____________________________________
(وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) هذا في جانب المشبه فلا تكرار.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نزلت في قوم من المؤمنين كان لهم أقارب من المنافقين والكفار وكانوا يواصلونهم. قوله : (أصفياء) أشار بذلك إلى أن في الكلام استعارة ، حيث شبه الأصفياء ببطانة الثوب الملتصقة به ، واستعير اسم المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية ، والجامع شدة الالتصاق على حد الناس دثار والأنصار شعار. قوله : (أي لا يقصرون في الفساد) أي فليس عندهم تقصير في ذلك بل هو شأنهم. قوله : (ما عَنِتُّمْ) ما مصدرية تسبك بمصدر أي ودوا عنتكم بمعنى تعبكم ومشقتكم. قوله : (بالوقيعة فيكم) أي في أعراضكم بالغيبة وغيرها. قوله : (فلا توالوهم) أشار بذلك إلى أن جواب الشرط محذوف. قوله : (بِالْكِتابِ) أي جنسه ، وقوله : (ولا يؤمنون بكتابكم) أي القرآن. قوله : (وَإِذا خَلَوْا) أي خلا بعضهم ببعض. قوله : (عَلَيْكُمُ) أي من أجلكم.
قوله : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) أي مصاحبين له وهو دعاء عليهم بذلك. قوله : (وجدب) هو ضد الخصب. قوله : (وجملة الشرط) أي وهي إن تمسكم إلخ وقوله : (بالشرط) وهو قوله : (وَإِذا لَقُوكُمْ) وقوله : (وما بينهما) أي وهو قوله : (قُلْ مُوتُوا) الآية. قوله : (بكسر الضاد) أي فهما قراءتان سبعيتان ، الأولى من ضار يضير ، والثانية من ضر يضر ، والفعل من كليهما مجزوم جوابا للشرط ، وجزمه على الأولى ظاهر ، وعلى الثانية بسكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الإتباع. قوله : (كَيْدُهُمْ) الكيد احتيال الشخص ليقع غيره في مكروه. قوله : (بالياء) أي وقد اتفق عليها العشرة ، وقوله : (والتاء) أي وهي شاذة ، فكان على المفسر أن ينبه على شذوذها ، كأن يقول : وقرىء