الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ) الموصوفون بما ذكر (مِنَ الصَّالِحِينَ) (١١٤) ومنهم من ليسوا كذلك وليسوا من الصالحين (وَما يَفْعَلُوا) بالتاء أيتها الأمة وبالياء أي الأمة القائمة (مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) بالوجهين أي تعدموا ثوابه بل تجازون عليه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (١١٥) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ) تدفع (عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ) أي من عذابه (شَيْئاً) وخصهما بالذكر لأن الإنسان يدفع عن نفسه تارة بفداء المال وتارة بالاستعانة بالأولاد (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١١٦) (مَثَلُ) صفة (ما يُنْفِقُونَ) أي الكفار (فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا) في عداوة النبي أو صدقة ونحوها (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ) حر أو برد شديد (أَصابَتْ حَرْثَ) زرع (قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالكفر والمعصية (فَأَهْلَكَتْهُ) فلم ينتفعوا به فكذلك نفقاتهم ذاهبة لا ينتفعون بها (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) بضياع نفقاتهم (وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١١٧) بالكفر الموجب لضياعها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً) أصفياء
____________________________________
قال تعالى : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ). قوله : (يصلون) سمى الصلاة سجودا لأنه أشرف أجزائها ، وقوله : (حال) أي من قوله : (يَتْلُونَ) أي يقرؤون القرآن في حال صلاتهم.
قوله : (يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) أي يصدقون بأن الله متصف بكل كمال مستحيل عليه كل نقص ، وقوله : (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي وما فيه من النعيم والعقاب فيصدقون بأنه حق ، قوله : (وَيَأْمُرُونَ) مفعوله هو وينهون محذوف تقديره الناس. قوله : (وَيُسارِعُونَ) أي يبادرون بامتثال أمر الله ، إن قلت إن العجلة مذمومة ، ففي الحديث العجلة من الشيطان إلا في أمور ، أجيب : بأن معنى المسارعة أنه إذا تعارض حق لله وحظ لنفسه بادر لحق الله وترك حظه ، وأما العجلة فهي المبادرة للشيء مطلقا كأن يبادر للصلاة قبل وقتها ، أو في الصلاة بأن لا يتقن ركوعها ولا سجودها ، فإن ذلك مذموم إلا في أمور ، فهي مسارعة لا عجل كالتوبة وتقديم الطعام للضيف وتجهيز الميت وزواج البكر والصلاة في أول وقتها. قوله : (ومنهم من ليسوا كذلك) قدر ذلك إشارة إلى أن في الآية حذف المقابل. قوله : (وبالياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (مِنْ خَيْرٍ) أي قليل أو كثير ، قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ). قوله : (بالوجهين) أي التاء والياء. قوله : (بل تجازون عليه) أي في الآخرة.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) قيل نزلت في قريظة وبني النضير ، وقيل في مشركي العرب ، وقيل فيما هو أعم وهو الأقرب. قوله : (شَيْئاً) أي قليلا كان أو كثيرا. قوله : (يدفع عن نفسه) أي في الدنيا.
قوله : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ) يحتمل أن ما اسم موصول وينفقون صلتها والعائد محذوف ، ويحتمل أنها مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر تقدير الأول مثل المال الذي ينفقونه ، وتقدير الثاني مثل إنفاقهم. قوله : (في عداوة النبي) أي في مثل حروبه ، وقوله : (أو صدقة) أي على فقرائهم أو فقراء المسلمين. قوله : (ونحوها) أي كصلة الرحم ومواساة الفقراء.
قوله : (كَمَثَلِ رِيحٍ) أي كمثل مهلك ريح فالكلام على حذف مضاف. قوله : (حر) أي ويسمى بالسموم وقوله : (أو برد شديد) أي ويسمى بالزمهرير. قوله : (أَصابَتْ) أي تلك الريح قوله : (أي زرع) سماه حرثا لأنه يحرث. قوله : (قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) هذا وصف المشبه به. قوله :