وأتباعكم بذلك (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٨١) عليكم وعليهم (فَمَنْ تَوَلَّى) أعرض (بَعْدَ ذلِكَ) الميثاق (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٨٢) (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) بالياء أي المتولون والتاء (وَلَهُ أَسْلَمَ) انقاد (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً) بلا إباء (وَكَرْهاً) بالسيف ومعاينة ما يلجىء إليه (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٨٣) بالتاء والياء والهمزة للإنكار (قُلْ) لهم يا محمد (آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) أولاده (وَما أُوتِيَ
____________________________________
قوله : (قالُوا أَقْرَرْنا) جواب عن سؤال تقديره ماذا قالوا حينئذ؟ وثمرة المعاهدة على محمد مع علم الله أنه لا يأتي في زمن نبي من الأنبياء الثواب على العزم بالاتباع ، والعقاب على العزم بعدم الإيمان ، فجميع الأنبياء يثابون على الإيمان بمحمد ، ومن عزم على عدم الإيمان به لو ظهر عوقب. قوله : (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ) إن قلت إن الأنبياء معصومون من ذلك ، أجيب بأن الشرطية لا تقتضي الوقوع أو خطاب لهم ، والمراد أممهم. قوله : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) هذا رد على اليهود والنصارى ، حيث ادعى كل دين إبراهيم واختصموا إلى النبي ، فقال النبي : كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم ، والهمزة داخلة على محذوف تقديره أعموا فغير دين الله يبغون؟
قوله : (وَلَهُ أَسْلَمَ) جملة حالية. قوله : (طَوْعاً) راجع لجميع أهل السماء وبعض أهل الأرض ، وقوله : (وَكَرْهاً) راجع لبعض أهل الأرض فطوعا وكرها مصدران في موضع الحال ، والتقدير طائعين وكارهين. قوله : (ومعاينة ما يلجأ إليه) أي إلى الإسلام كنطق الجبل وإدراك فرعون وقومه الغرق ، قال تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ) الآية. قوله : (والهمزة للإنكار) أي التوبيخي وقدم المفعول لأن المقصود إنكاره.
قوله : (قُلْ آمَنَّا) لما تقدم أن الله أمر الأنبياء بالإيمان بمحمد على أرجح التفسيرين ، ذكر هنا أمره بالإيمان وأفرد في قوله قل ، وجمع في قوله آمنا ، لأن النبي هو المخاطب بالوحي والتبليغ فقط ، وأما الإيمان فمخاطب به هو وأتباعه. قوله : (بِاللهِ) أي صدقنا بأن الله متصف بكل كمال ، ومستحيل عليه كل نقص. قوله : (وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا) أي وهو القرآن ، وعبر هنا بعلى ، وفي سورة البقرة بإلى ، لأن مادة النزول تتعدى بهما ، غير أنه بالنظر للمبدأ يعدى بعلى كما هنا لأن المخاطب بذلك هو الموحى إليه وهو محمد والأنبياء بعده ، وبالنظر للمنتهى كما في البقرة بعد بإلى لأن المأمور بذلك أمم.
قوله : (وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ) إنما صرح بأسماء هؤلاء لأن أهل الكتاب يعترفون بكتبهم ونبوتهم. قوله : (وَإِسْماعِيلَ) الخ ، وما أنزل على هؤلاء من الوحي ، وكانوا يتعبدون بشرع إبراهيم بوحي من الله ، وإسماعيل أبو العرب ، وإسحاق أبو العجم ، ويعقوب بن إسحاق ، والأسباط أولاد يعقوب وكانوا اثني عشر رجلا ، يوسف وإخوته ، ويؤخذ من الآية أنهم أنبياء يجب الإيمان بهم وهو المعتمد ، وما يأتي في سورة يوسف من الوقائع العظيمة الموهمة عدم عصمتهم ، فمؤول بأنهم مأمورون بذلك باطنا من حضرة الله ، كأفعال الخضر عليهالسلام ، قال تعالى في حقه : (وما فعلته عن أمري) ويقال فيهم ما قيل فيه بالأولى ، فإن المعتمد أن الخضر ليس بنبي ، والأسباط أنبياء على المعتمد ، وموافقة ظاهر الشرع إنما تلزم الرسول المشرع فتأمل. قوله : (أولاده) أي أولاد يعقوب فهم أسباط لإبراهيم ،