اللهَ شاكِرٌ) لعمله بالإثابة عليه (عَلِيمٌ) (١٥٨) به. ونزل في اليهود (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ) الناس (ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى) كآية الرجم ونعت محمد صلىاللهعليهوسلم (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ) التوراة (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ) يبعدهم من رحمته (وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (١٥٩) الملائكة والمؤمنون أو كل شيء بالدعاء عليهم باللعنة (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) رجعوا عن ذلك (وَأَصْلَحُوا) عملهم (وَبَيَّنُوا) ما كتموا (فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) أقبل توبتهم (وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١٦٠) بالمؤمنين (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) حال (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١٦١) أي هم مستحقون ذلك في الدنيا والآخرة ، والناس قيل عام وقيل المؤمنون
____________________________________
قوله : (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ) هذا دليل الجواب وليس هو الجواب بل هو محذوف تقديره شكره الله لأن الله شاكر عليم ، والشكر في الأصل مجازاة أصحاب الحقوق عليها ، وليس ذلك مرادا في حق مولانا ، وإنما المراد عاملناه معاملة الشاكر بأنه ألزم نفسه الجزاء من فضله لأنه كريم واسع العطاء. قوله : (ونزل في اليهود) أي في أحبارهم ككعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وعبد الله بن صوريا قوله : (الناس) قدره المفسر إشارة إلى أنه مفعول يكتمون الثاني ، والمعنى يكتمون الحق عن الناس بحيث يظهرون الباطل ويخفون الحق من نعت محمد وغيره. قوله : (ما أَنْزَلْنا) أي الشيء أو الذي أنزلناه ، وقوله من البينات بيان لما ، والمراد بالبينات الآيات الواضحات التي من أذعن لها فقد اهتدى ، وعطف الهدى عليها للتفسير. قوله : (كآية الرجم) أي الكائنة في التوراة ، وهي أن من زنى يرجم فمحوها وقالوا لم يكن ذلك عندنا فحصل منهم التكذيب لنبيهم. قوله : (ونعت محمد) أي صفاته وأخلاقه من مولده إلى إنتهاء أجله ، وهذان مثالان للبينات والهدى معا لأن بالآيات يحصل الهدى.
قوله : (لِلنَّاسِ) أي عموما. قوله : (أُولئِكَ) مبتدأ وجملة يلعنهم الله خبره وأتى بإشارة البعيد إشارة لبعدهم عن رحمة الله. قوله : (والمؤمنون) أي من غيرهم كالإنس والجن. قوله : (أو كل شيء) أي حتى الجمادات والحيتان في البحر ، ويشهد له الحديث «العاصي يلعنه كل شيء حتى الحيتان في البحر». وأو لتنويع الخلاف ، ثم إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فهذا الوعيد وإن كان واردا في كل شيء خاص إلا أنه لكل من كتم علما ، ومنه شاهد الزور والمفتي بغير الحق.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ) استثناء متصل أفاد به أن اللعنة معلقة. قوله : (رجعوا عن ذلك) أي الكتمان بأن أنصفوا من أنفسهم وأسلموا فهذا الوعيد خاص بمن مات كافرا ، وأما من مات مؤمنا ولو عاصيا فليس له هذا الوعيد ، ولا يجوز الدعاء باللعنة على المعين ولو كافرا إلا أن يثبت موته على الكفر ، وأما غير المعين فيجوز على الكافر والعاصي. قوله : (وَأَصْلَحُوا) (عملهم) أي في المستقبل كعبد الله بن سلام وأضرابه. قوله : (ما كتموا) أي من البينات والهدى ، ويحتمل أن قوله تعالى وبينوا أي التوبة. قوله : (فَأُولئِكَ) أتى بإشارة البعيد إشارة لرفعة رتبتهم على رتبة غيرهم على حد (ذلك الكتاب). قوله : (وَأَنَا التَّوَّابُ) أي الكثير القبول لتوبة من تاب ، والجملة حالية من فاعل أتوب. قوله : (بالمؤمنين) أي ولو عصاة والمراد من مات مسلما.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي أحبارا أو غيرهم ، وقوله : (وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) أي استمروا على