صالحا (إِنَّكَ سَمِيعُ) مجيب (الدُّعاءِ) (٣٨) (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) أي جبريل (وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) أي المسجد (أَنَ) أي بأن وفي قراءة بالكسر بتقدير القول (اللهَ يُبَشِّرُكَ) مثقلا ومخففا (بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ) كائنة (مِنَ اللهِ) أي بعيسى أنه روح وسمي كلمة لأنه خلق بكلمة كن (وَسَيِّداً) متبوعا (وَحَصُوراً) ممنوعا من النساء (وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (٣٩) روي أنه لم يعمل خطيئة ولم يهم بها (قالَ رَبِّ أَنَّى) كيف (يَكُونُ لِي غُلامٌ) ولد (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) أي بلغت نهاية السن مائة وعشرين سنة (وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) بلغت ثمانية وتسعين سنة (قالَ) الأمر (كَذلِكَ)
____________________________________
قوله : (ذُرِّيَّةً) الذرية تطلق على المفرد والجمع ، فلذا قال المفسر ولدا صالحا. قوله : (إِنَّكَ سَمِيعُ) ليس المراد به الاسم بل المراد المجيب أي سميع سماع إجابة كما قال المفسر. قوله : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) أي بعد مضي أربعين سنة من دعوته. قوله : (أي جبريل) أي فهو من تسمية الخاص باسم العام تعظيما له. قوله : (وَهُوَ قائِمٌ) جملة حالية من الهاء في نادته ، وجملة يصلي إما خبر ثان أو حال ثانية أو صفة لقائم ، وقوله : (فِي الْمِحْرابِ) متعلق بيصلي أو بقائم. قوله : (أي بأن) أي فهو بدل من نادته. قوله : (بتقدير القول) أي استئناف تقديره قائلين إن الله يبشرك الخ. قوله : (مثقلا ومخففا أي فهما قراءتان سبعيتان مع فتح همزة إن وكسرها فهما أربع ، فالمثقل بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين المشددة ، والمخفف بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين المخففة.
قوله : (بِيَحْيى) قيل إنه منقول من الفعل فيكون ممنوعا من الصرف للعلمية ووزن الفعل ويكون عربيا ، وسمي بذلك لأنه يحيي القلوب الميتة ، وقيل أعجمي فيكون ممنوعا من الصرف للعلمية والعجمة ، ويجمع في حالة الرفع على يحيون ، وفي حال النصب على يحيين ، وتثنيته في حالة الرفع بحيان ، وفي النصب والجر يحيين. قوله : (مُصَدِّقاً) هو وما بعده أحوال من يحيى. قوله : (إنه روح الله) أي سر نشأ من الله. قوله : (لأنه خلقه بكلمة كن) وقيل لأن الكلمة التي قالها لها الله وهي كذلك الله يخلق ما يشاء ، وقيل لأنه الكلمة التي قالها الله لجبريل حيث أمره بالنفخ في جيبها. قوله : (متبوعا) أي ما يقتدى به قيل إنه أعطي النبوة من حين الولادة. قوله : (ممنوعا من النساء) أي اختيارا لشغله بربه وهذا هو المراد بالحصور هنا ، وإلا فمعناه الممنوع من النساء مطلقا سواء كان اضطرارا أو اختيارا.
قوله : (وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) أي من كبار المرسلين القائمين بحقوقك وحقوق عبادك. قوله : (روي أنه لم يعمل خطيئة الخ) هذا لا يخصه بل كذلك غيره من الأنبياء. قوله : (أَنَّى يَكُونُ) تستعمل أني شرطية كقول الشاعر :
فأصبحت أنى تأتها تستجر بها |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأججا |
وتستعمل اسم استفهام كما هنا فلذا فسرها بكيف ويكون ناقصة وغلام اسمها وخبرها أنى ، التقدير رب يكون لي غلام علي أي حالة ، فالاستفهام من أحوال الغلام لا عن ذاته. قوله : (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) هنا أسند البلوغ للكبر ، وفيما يأتي في سورة مريم أسنده لنفسه ، وكلاهما صحيح لأن البلوغ من الطرفين ، والجملة حالية وكذا ما بعدها. قوله : (أي بلغت نهاية السن) أي بالنسبة لأهل زماني فلا ينافي أن المتقدمين كان الواحد منهم يعمر الألف.