على الركب ميتين (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً) مبتدأ خبره (كَأَنْ) مخففة واسمها محذوف أي كأنهم (لَمْ يَغْنَوْا) يقيموا (فِيهَا) في ديارهم (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ) (٩٢) التأكيد بإعادة الموصول وغيره للرد عليهم في قولهم السابق (فَتَوَلَّى) أعرض (عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) فلم تؤمنوا (فَكَيْفَ آسى) أحزن (عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) (٩٣) استفهام بمعنى النفي (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍ) فكذبوه (إِلَّا أَخَذْنا) عاقبنا (أَهْلَها بِالْبَأْساءِ) شدة الفقر (وَالضَّرَّاءِ) المرض (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) (٩٤) يتذللون فيؤمنون (ثُمَّ بَدَّلْنا) أعطيناهم (مَكانَ السَّيِّئَةِ) العذاب (الْحَسَنَةَ) الغنى والصحة (حَتَّى عَفَوْا) كثروا (وَقالُوا) كفرا للنعمة (قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) كما مسنا وهذه عادة الدهر وليست بعقوبة من الله فكونوا على ما أنتم عليه قال تعالى (فَأَخَذْناهُمْ) بالعذاب (بَغْتَةً) فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩٥) بوقت مجيئه قبله (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى) المكذبين (آمَنُوا) بالله ورسلهم (وَاتَّقَوْا) الكفر والمعاصي (لَفَتَحْنا) بالتخفيف والتشديد (عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ) بالمطر (وَالْأَرْضِ) بالنبات (وَلكِنْ كَذَّبُوا)
____________________________________
قوله : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) أي كأنهم لم يلبثوا في ديارهم أصلا لأنهم استؤصلوا بالمرة. قوله : (وغيره) أي وهو ضمير الفصل.
قوله : (وَقالَ يا قَوْمِ) ما تقدم من كون القول بعد هلاكهم أو قبله في قصة صالح يجري هنا. قوله : (فَكَيْفَ آسى) أصله أأسى بهمزتين ، قلبت الثانية ألفا. قوله : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍ) جملة مستأنفة قصد بها التعميم بعد ذكر بعض الأمم بالخصوص ، وإنما خص ما تقدم بالذكر لمزيد تعنتهم وكفرهم. قوله : (فكذبوه) قدره إشارة إلى أن الكلام فيه حذف لأن قوله : (إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها) لا يترتب على الإرسال ، وإنما يترتب على التكذيب. قوله : (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) أصله يتضرعون قلبت التاء ضادا وأدغمت في الضاد ، وإنما قرىء بالفك في الأنعام لأجل مناسبة الماضي في قوله تضرعوا بخلاف ما هنا ، فجيء به على الأصل.
قوله : (ثُمَّ بَدَّلْنا) أي استدراجا لهم. قوله : (العذاب) أي الفقر والمرض. قوله : (الغنى والصحة) لف ونشر مرتب. قوله : (كفرا للنعمة) أي تكذيبا لأنبيائهم. قوله : (وهذه عادة الدهر) هذا من جملة مقولهم. قوله : (فكونوا على ما أنتم عليه) هذا من جملة قول بعضهم لبعض. قوله : (فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) مرتب على قوله : (وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا) الخ. قوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي لعدم تقدم أسبابه لهم ، وهذه الآية بمعنى آية الأنعام ، قال تعالى : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) الآية.
قوله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى) جمع قرية ، والمراد جميع القرى المتقدم ذكرهم وغيرهم. قوله : (ورسلهم) أي أهل القرى ، وفي نسخة ورسله أي الله. قوله : (وَاتَّقَوْا) عطف على : (آمَنُوا) عطف عام على خاص ، لأن التقوى امتثال المأمورات ، ومن جملتها الإيمان. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بَرَكاتٍ) جمع بركة ، وهي زيادة الخير في الشيء. قوله : (وَلكِنْ كَذَّبُوا)