(هُمْ دَرَجاتٌ) أي أصحاب درجات (عِنْدَ اللهِ) أي مختلفو المنازل ، فلمن اتبع رضوانه الثواب ، ولمن باء بسخطه العقاب (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (١٦٣) فيجازيهم به (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي عربيا مثلهم ليفهموا عنه ويشرفوا به ملكا ولا عجميا (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) القرآن (وَيُزَكِّيهِمْ) يطهرهم من الذنوب (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ) القرآن (وَالْحِكْمَةَ) السنة (وَإِنْ) مخففة أي إنهم (كانُوا مِنْ قَبْلُ) أي قبل بعثه (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١٦٤) بين (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) بأحد بقتل سبعين منكم (قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) ببدر بقتل سبعين وأسر سبعين منهم (قُلْتُمْ) متعجبين (أَنَّى) من أين لنا (هذا) الخذلان ونحن مسلمون ورسول الله فينا والجملة الأخيرة محل الاستفهام الإنكاري (قُلْ) لهم (هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) لأنكم تركتم المركز فخذلتم (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٦٥) ومنه النصر ومنعه وقد
____________________________________
(هُمْ دَرَجاتٌ) أي رتب فمنهم المقبول فله الدرجات العلا ، ومنهم المردود فله الدركات السفلى ، وفيه تغليب على الدركات لشرفها.
قوله : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ) هذا ترق في تعظيمه صلىاللهعليهوسلم ، فنزهه أولا عن الغلول ، ثم بين أن وجوده بينهم نعمة عظيمة أنعم بها عليهم ، وفي الحقيقة هو نعمة حتى على الكفار ، وإنما خص المؤمنين لأنهم هم المنتفعون بها وتدوم عليهم ، وأما الكفار وإن آمنوا به من الخسف والمسخ وكل بلاء عام ورزقوا به ، إلا أن عاقبتهم الخلود في دار البوار ويتبرأ منهم ولا يشفع لهم في النجاة من العذاب.
بشرى لنا معشر الإسلام إن لنا |
|
من العناية ركنا غير منهدم |
قوله : (لا ملكا) أي لعدم إطاقة البشر له ، قال تعالى : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ). قوله : (ولا عجميا) أي لعدم فهمهم عنه ما أرسل به ، ومن نعم الله أيضا كون القرآن عربيا ، قال تعالى : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) الآية. قوله : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ) أي بنفسه أو بواسطة كالعلماء. قوله : (السنة) العلم النافع. قوله : (مخففة) أي من الثقيلة لا عمل لها لقول ابن مالك :
وخففت إن فقل العمل |
|
وتلزم اللام إذا ما تهمل |
قوله : (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي كفر واضح ظاهر ، قال العارف البرعي :
أتى والجاهلية في ضلال |
|
وكفر تعبد الحجر الأصنا |
وتأكل ميتة ودما وتسطو |
|
على مؤودة الأطفال دفنا |
فجاء بملة الإسلام يتلو |
|
مثاني في صلاة الخمس مثنى |
قوله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ) الهمزة داخلة على قوله : (قُلْتُمْ أَنَّى هذا) التقدير أقلتم أني هذا حين أصابتكم إلخ. قوله : (وأسر سبعين) لأن الفخر بالمأسور أعظم من المقتول لدلالته على عظم الشجاعة ، فلذا قال قد أصبتم مثيلها ، والمقصود من ذلك التسلية للمؤمنين. قوله : (والجملة الأخيرة) أي وهي قوله قلتم. قوله : (محل الإستفهام الإنكاري) أي فهو بمعنى النفي والمعنى لا تقولوا ذلك حين أصابتكم