سفيان وأصحابه لما رجعوا من أحد فشكوا الجراحات (وَلا تَهِنُوا) تضعفوا (فِي ابْتِغاءِ) طلب (الْقَوْمِ) الكفار لتقاتلوهم (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ) تجدون ألم الجراج (فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ) أي مثلكم ولا يجنبوا عن قتالكم (وَتَرْجُونَ) أنتم (مِنَ اللهِ) من النصر والثواب عليه (ما لا يَرْجُونَ) هم فأنتم تزيدون عليهم بذلك فينبغي أن تكونوا أرغب منهم فيه (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بكل شىء (حَكِيماً) (١٠٤) في صنعه وسرق طعمة بن أبيرق درعا وخبأها عند يهودي فوجدت عنده فرماه طعمة بها وحلف أنه ما سرقها فسأل قومه النبي صلىاللهعليهوسلم أنه يجادل عنه ويبرئه فنزل (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) القرآن (بِالْحَقِ) متعلق بأنزل (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ) أعلمك (اللهُ) فيه (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ) كطعمة (خَصِيماً) (١٠٥) مخاصما عنهم (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) مما هممت به (إِنَّ اللهَ كانَ
____________________________________
سفيان وأصحابه ، وقوله : (طائفة) أي وهي جميع من حضر أحدا من المؤمنين الخالصين وكانوا ستمائة وثلاثين. قوله : (لما رجعوا من أحد) أي فرغوا من وقعتها ، والضمير عائد على الصحابة ، فحينئذ همّ أبو سفيان وتشاور مع أصحابه في العود إلى المدينة ليستأصلوا المسلمين ، فبلغ ذلك رسول الله ، فنادى في اليوم الثاني من وقعة أحد ، ليخرج من كان معنا بالأمس ولا يخرج معنا غيرهم ، فخرجوا حتى بلغوا إلى حمراء الأسد ، وتقدم ذلك في آل عمران.
قوله : (وَلا تَهِنُوا) الجمهور على كسر الهاء ، وقرىء شذوذا بفتحها من وهن بالكسر أو الفتح قوله : (فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) أي قتالهم. قوله : (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ) تعليل للنهي وتشجيع لهم ، والمعنى ليس الألم مختصا بكم بل هم كذلك. قوله : (ولا يجبنوا) المناسب يجبنون بالنون إلا أن يقال حذفت تخفيفا. قوله : (والثواب عليه) أي على الجهاد ، فإنكم تقاتلون في سبيل الله ، وهم يقاتلون في سبيل الطاغوت ، فأنتم أحق بالشجاعة والقدوم عليهم. قوله : (وسرق طعمة) بتثليث الطاء والكسر أفصح (أبيرق) بضم الهمزة وفتح الباء بعدها راء مكسورة تصغيرا برق ، وطعمة من الأنصار من بني ظفر سرق الدرع من دار جاره قتادة ، وكان في جراب فيه دقيق فصار الدقيق يتناثر منه ، فاتهم طعمة بها ، فحلف كاذبا أنه ما أخذها وما له بها علم ، وكان ودعها عند يهودي يقال له زيد بن السمين ، فقال أصحاب الدرع نتبع أثر الدقيق فتتبعوه حتى وصل إلى دار اليهودي ، فأخبر أنه ودعه عنده طعمة وشهد به قومه ، فقال قوم طعمة نذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم نشهد أن اليهودي هو السارق ، فذهبوا وشهدوا زورا ولم يظهروا زورا ، ولم يظهر صلىاللهعليهوسلم قادح فيهم ، فهم بقطع اليهودي فنزلت الآية ، فأراد أن يقطع طعمة فهرب إلى مكة وارتد ، فنقب حائطا ليسرق متاع أهله فوقع عليه فمات مرتدا. قوله : (وخبأها) أي الدرع. قوله : (عند يهودي) أي واسمه زيد بن السمين. قوله : (متعلق بأنزل) أي على أنه حال منه.
قوله : (لِتَحْكُمَ) متعلق بأنزلنا. قوله : (بِما أَراكَ) أي عرفانية تتعدى بالهمزة لمفعولين الكاف مفعول ، والمفعول الثاني محذوف تقديره إياه إذا علمت ذلك ، فالمناسب للمفسر أن يقول عرفك. قوله : (لِلْخائِنِينَ) اللام للتعليل ، ومفعول (خَصِيماً) محذوف تقديره شخصا بريئا ، فاللام على بابها لا بمعنى عن ، فقول المفسر : (مخاصما عنهم) إيضاح للمعنى. قوله : (مما هممت به) أي من القضاء على اليهودي فإنه ذنب صورة على حد : (وعصى آدم ربه فغوى) فهو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله :