(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (١٥٧) إلى الصواب (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) جبلان بمكة (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) أعلام دينه جمع شعيرة (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ) أي تلبس بالحج أو العمرة وأصلهما القصد والزيارة (فَلا جُناحَ) إثم (عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ) فيه ادغام التاء في الأصل في الطاء (بِهِما) بأن يسعى بينهما سبعا نزلت لما كره المسلمون ذلك لأن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بهما وعليهما صنمان يمسحونهما وعن ابن عباس أن السعي غير فرض لما أفاده رفع الاثم من التخيير وقال الشافعي وغيره ركن وبين صلىاللهعليهوسلم فرضيته بقوله : «إن الله كتب عليكم السعي» رواه البيهقي وغيره ، وقال : «ابدأوا بما بدأ الله به» يعني الصفا رواه مسلم (وَمَنْ تَطَوَّعَ) وفي قراءة بالتحتية وتشديد الطاء مجزوما وفيه إدغام التاء فيها (خَيْراً) أي بخير أي عمل ما لم يجب عليه من طواف وغيره (فَإِنَ
____________________________________
ذلك ، وأن العطف مغاير ، فالصلاة محو الذنوب والرحمة العطايا فهو من باب التحلية بعد التخلية ، وقد ورد إطلاق الصلاة على المغفرة ، ففي الحديث «اللهم صل على آل أبي أوفى» أي اغفر لهم ، وفي الحديث أيضا «إن الملائكة لتصلي على أحدكم ما دام في صلاة تقول اللهم اغفر له اللهم اغفر له» وقيل إن الصلاة بمعنى الرحمة والعطف مرادف وحكمة التكرار الإشارة لتوالي الرحمات والنعم والرضا عليه ، حيث رضي بأحكام سيده وحبس نفسه على ما تكره. قوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) أي الكاملون في الهدى ، فإن الرضا عن الله في كل حال من علامات الهدى الكامل. قوله : (إِنَّ الصَّفا) جمع صفاة اسم للحجر الأملس ، والمراد هنا الجبل المعروف الذي يبتدأ السعي منه. قوله : (وَالْمَرْوَةَ) في الأصل اسم للمكان الرخو ، والمراد هنا الجبل الذي ينتهي السعي إليه. قوله : (جبلان بمكة) أي بجوار المسجد الحرام. قوله : (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) أي من أمور دين الله التي تعبدنا بها فمن أنكر كون السعي من أمور الدين فقد كفر. قوله : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ) الحج في اللغة القصد واصطلاحا عبادة ، يلزمها طواف بالبيت سبعا وسعي بين الصفا والمروة كذلك ، ووقوف بعرفة ليلة عاشر ذي الحجة على وجه مخصوص.
قوله : (أَوِ اعْتَمَرَ) العمرة في اللغة الزيارة واصطلاحا عبادة ، يلزمها طواف وسعي على وجه مخصوص. قوله : (وأصلهما القصد إلخ) لف ونشر مرتب. قوله : (فيه إدغام التاء في الأصل) أي فأصله يتطوف قلبت التاء طاء ثم أدغمت في الطاء. قوله : (لما كره المسلمون) أي حين كرهوا ذلك. قوله : (وعليهما صنمان) أحدهما يسمى أسافا والثاني يسمى نائلة ، قيل كانا على صورة رجل وامرأة ، وذلك أن رجلا اسمه أساف وامرأة اسمها نائلة زنيا في الكعبة فمسخهما الله حجرين على صورتهما الأصلية ، فلما تقادم الزمان عبدتهما الجاهلية ، فلما جاء الإسلام أبطل ذلك ونسخه. قوله : (غير فرض) أي ووافقه على ذلك ابن حنبل. قوله : (من التخيير) ليس المراد أنه مباح بل هو مطلوب بدليل ضم أول الآية لأخرها. قوله : (وغيره) أي وهو مالك. قوله : (إن الله كتب عليكم السعي) تمامه «فاسعوا» وأصل الحديث «اسعوا فإن كتب عليكم السعي» فتحصل أن الآية ليست صريحة في الفرضي ولا في الوجوب وإنما أخذ ذلك من السنة. قوله : (وفيه إدغام التاء) أي بعد قلبها طاء. قوله : (أي بخير) أشار بذلك إلى أن خيرا منصوب بنزع الخافض. قوله : (من طواف وغيره) أي كسعي في حج أو عمرة أو طواف مطلقا ، لأن عبادة الطواف لا تقيد بالنسك بخلاف السعي.