بل الأمر لله فاصبر (أَوْ) بمعنى إلى أن (يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) بالإسلام (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) (١٢٨) بالكفر (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وخلقا وعبيدا (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) المغفرة له (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) تعذيبه (وَاللهُ غَفُورٌ) لأوليائه (رَحِيمٌ) (١٢٩) بأهل طاعته (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) بألف ودونها بأن تزيدوا في المال عند حلول الأجل وتؤخروا الطلب (وَاتَّقُوا اللهَ) بتركه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٣٠) تفوزون (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (١٣١) أن تعذبوا بها (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (١٣٢) (وَسارِعُوا) بواو ودونها (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي كعرضهما
____________________________________
(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ). وبقوله : (إنك لا تهدي من أحببت). وقوله : (يوم أحد) أي وقيل نزلت في أهل بئر معونة ، وهم سبعون رجلا من القراء بعثهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بئر معونة ، وهي بين مكة وعسفان ، ليعلموا الناس القرآن والعلم ، وأمره عليهم المنذر بن عمرو ، وكان ذلك في صفر سنة أربع من الهجرة ، فخانهم عامر بن الطفيل وقتلهم عن آخرهم. فاشتد غضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسلاه الله بذلك.
قوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) أي لا تملك لهم نفعا فتصلحهم ولا ضرا فتهلكهم ، فنفى ذلك من حيث الإيجاد والإعدام ، وأما من حيث الدلالة والشفاعة فهو الدليل الشفيع المشفع جعل الله مفاتيح خزائنه بيده ، فمن زعم أن النبي كآحاد الناس لا يملك شيئا أصلا ولا نفع به لا ظاهرا ولا باطنا ، فهو كافر خاسر الدنيا والآخرة ، واستدلاله بهذه الآية ضلال مبين. قوله : (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) علة لقوله : (أو يعذبهم). قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) هذا كالدليل لما قبله. قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) سبب نزول هذه الآية أن الرجل كان في الجاهلية إذا كان له دين على آخر وحل الأجل ولم يقدر الغريم على وفائه قال له صاحب الدين زدني في الدين وأزيدك في الأجل ، فكانوا يفعلون ذلك مرارا ، فربما زاد الدين زيادة عظيمة. قوله : (وتؤخروا الطلب) أي في نظير تلك الزيادة والواجب إنظار المعسر من غير شيء والتشديد على الموسر المماطل. قوله : (بتركه) أي الربا وكذا كل ما نهى الله عنه. قوله : (أن تعذبوا بها) أشار بذلك إلى أن في الكلام حذف مضاف ، أي اتقوا تعذيب النار ، أي اجعلوا بينكم وبينه وقاية.
(وَسارِعُوا) أي بادروا. قوله : (بواو ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى الواو تكون الجملة معطوفة على جملة واتقوا النار ، وعلى عدمها تكون الجملة استئنافية ، كأن قائلا قال وما كيفية تقوى النار وبأي شيء يكون تقواها ، فأجاب بقوله سارعوا إلخ ، إن قلت : إن ما خالف الرسم العثماني شاذ فمقتضاه أن أحد القراءتين مخالف للرسم. أجيب : بأن المصاحف العثمانية تعددت ، فبعضها بالواو وبعضها بدونها ، ولا يرد هذا الإشكال إلا لو كان واحدا. قوله : (إِلى مَغْفِرَةٍ) أي إلى أسبابها وهو الإنهماك في الطاعات والبعد عن المعاصي. قوله : (وَجَنَّةٍ) عطفها على المغفرة من عطف المسبب على السبب ، ومرادنا بالسبب الظاهري وإلا فالسبب الحقيقي هو فضل الله. قوله : (كعرضهما) أشار بذلك إلى أن في الكلام حذف مضاف وأداة التشبيه وقد صرح بهما في سورة الحديد ، قال تعالى : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) واختلف هل هذا التشبيه حقيقي والمعنى لو بسطت السموات كل واحدة بجانب الأخرى وكذلك الأرض ، لكان ما ذكر مماثلا لعرض الجنة ، وأما طولها فلا يعلمه إلا الله ، وإنما لم يقل طولها لأنه لا يلزم من سعة الطول سعة العرض بخلاف العكس ، وهذا تفسير