وهم اليهود غيروا صفة النبي في التوراة وآية الرجم وغيرهما وكتبوها على خلاف ما أنزل (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) من المختلق (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (٧٩) من الرشا (وَقالُوا) لما وعدهم النبي النار (لَنْ تَمَسَّنَا) تصيبنا (النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) قليلة أربعين يوما مدة عبادة آبائهم العجل ثم تزول (قُلْ) لهم يا محمد (أَتَّخَذْتُمْ) حذفت منه همزة الوصل استغناء بهمزة الإستفهام (عِنْدَ اللهِ عَهْداً) ميثاقا منه بذلك (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) به لا (أَمْ) بل (تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨٠) (بَلى) تمسكم وتخلدون فيها (مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً) شركا (وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ) بالأفراد والجمع أي استولت عليه وأحدقت به من كل جانب بأن مات مشركا (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨١) روعي فيه معنى من (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨٢) واذكر (إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ
____________________________________
فغيروها إلى الجلد. قوله : (وغيرهما) أي كقولهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) وكدعواهم أنهم من أهل الجنة. قوله : (من الرشا) بكسر الراء وبضمها جمع رشوة بتثليث الراء ، وهو من باب تقديم السبب على المسبب لأن أخذ الرشوة سبب للتبديل. وقوله : (مِمَّا كَتَبَتْ) يحتمل أن ما اسم موصول وكتبت صلتها والعائد محذوف أي كتبته ، ويحتمل أن ما مصدرية ، التقدير من كتبهم وكذا قوله : (مِمَّا يَكْسِبُونَ) قوله : (اربعين يوما) وقيل سبعة أيام ، وقوله قليلة تفسير باللازم لمعدودة لأن معنى المعدودة التي يسهل عدها ، وشأن القليلة سهولة عدها. قوله : (استغناء بهمزة الاستفهام) أي لأنه يحصل بها التوصل للنطق بالساكن مع إفادة المراد من الإستفهام ، وفي اتخذتم قراءتان سبعيتان الأولى بالفك والثانية بالإغام ، وطريقته أن تقلب الذال دالا ثم تاء وتدغمها في التاء ، وهذا الاستفهام يحتمل أن يكون تقريريا فتكون الجملة انشائية وأم متصلة معادلة للهمزة التي لطلب التعيين ، التقدير اتخذتم عند الله عهدا أم لم تتخذوا ، ويحتمل أن يكون انكاريا بمعنى النفي فتكون الجملة خبرية وأم منقطعة بمعنى بل ، التقدير لم تتخذوا عند الله عهدا بل تقولون على الله ما لا تعلمون وهذا هو الأقرب ولذا اختاره المفسر. قوله : (فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ) هذه الجملة في محل جزم جواب الإستفهام ، وقيل إنها جواب شرط مقدر تقديره أن اتخذتم فلن يخلف الله عهده وقرن بالفاء لوجود لن في حيزه. قوله : (بل) (تَقُولُونَ) أشار بذلك إلى أنها منقطعة والإضراب انتقالي.
قوله : (بَلى) هو حرف جواب للنفي لكنه يصير اثباتا ، وأما نعم وجير وأجل وأي فلتقرير ما قبلها اثباتا أو نفيا. قوله : (تمسكم) رد لقولهم لن تمسنا وقوله وتخلدون فيها رد لقولهم إلا اياما معدودة. قوله : (مَنْ كَسَبَ) يحتمل أن تكون من شرطية وكسب فعل الشرط ، وجوابه فأولئك اصحاب النار وأن تكون موصولة وكسب صلتها وقرن خبرها بالفاء لما في الموصل من معنى العموم ، ولم يقرن خبر التي بعدها بالفاء إشارة إلى أن خلود النار مسبب عن الكفر بخلاف خلود الجنة فلا يتسبب عن الإيمان بل بمحض فضل الله ، كذا قاله بعض الأشياخ. قوله : (سَيِّئَةً) اصلها سيوئة اجتمعت الواو والياء وسبقت احداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء وادغمت في الياء على حد ما قيل في سيد وميت. قوله : (بالإفراد) أي باعتبار ذات الشرك ، وقوله : (والجمع) أي باعتبار انواعه. قوله : (واحدقت به من كل جانب) أي فلم يجد ملجأ لكفره. قوله : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي وأما من آمن ولم يعمل صالحا غير الإيمان فمخلد في الجنة