(رَقَبَةٍ) أي مؤمنة كما في كفارة القتل والظهار حملا للمطلق على المقيد (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) واحدا مما ذكر (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) كفارته وظاهره أنه لا يشترط التتابع وعليه الشافعي (ذلِكَ) المذكور (كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ) وحنثتم (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) أن تنكثوها ما لم تكن على فعل بر أو إصلاح بين الناس كما في سورة البقرة (كَذلِكَ) أي مثل ما يبين لكم ما ذكر (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٨٩) ه على ذلك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ) المسكر الذي يخامر العقل (وَالْمَيْسِرُ) القمار (وَالْأَنْصابُ) الأصنام (وَالْأَزْلامُ) قداح الاستقسام (رِجْسٌ) خبيث مستقذر
____________________________________
بمعنى أو ، ويكفي المنديل عند الشافعي. قوله : (وعليه الشافعي) أي ومالك. قوله : (كما في كفارة القتل والظهار) أي كما ثبت عند الفقهاء في كفارة القتل بالتصريح بمؤمنة ، والظهار بحمل المطلق على المقيد ، وهذا مذهب مالك والشافعي ، وعند أبي حنيفة لا يحمل المطلق على المقيد إلا إذا اتحد السبب ، وأما هنا فقد اختلف السبب فلا حمل فيكفي في اليمين والظهار عنده عتق الكافرة.
قوله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أي بأن لم يكن عنده ما يباع على المفلس بأن لم يكن عنده أزيد من قوت يومه ، وهو مذهب مالك والشافعي في القديم ، وقال في الجديد ينتقل للصيام إن لم يكن عنده ما يكفيه العمر الغالب. قوله : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) أي فالكفارة مخير فيها ابتداء في الثلاثة مرتب انتهاء في الصيام ، وأفضلها في التخيير عند مالك الإطعام ثم الكسوة ثم العتق ، وعند الشافعي العتق ثم الكسوة ثم الإطعام. قوله : (كفارته) أشار بذلك إلى أن صيام مبتدأ خبره محذوف ، والأوضح أن يقدر المحذوف هو المبتدأ. قوله : (وعليه الشافعي) أي ومالك خلافا لأبي حنيفة في اشتراطه التتابع. قوله : (ما لم يكن على فعل بر) أي فالحنث أفضل. قوله : (كما في سورة البقرة) أي في قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) فمن حلف على شيء ، وكان فعله خيرا من تركه ، فالأفضل حنثه كما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يفعل ذلك. قوله : (ما ذكر) أي وهو حكم اليمين. قوله : (على ذلك) أي البيان فإنه من أعظم النعم.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) سبب نزولها دعاء عمر رضي الله عنه بقوله : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، وذلك أنه لما نزل قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) الآية أحضر رسول الله عمر وقرأها عليه فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ثم نزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) فأحضره رسول الله وقرأها عليه فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه الآية ، فأحضره وقرأها عليه فقال : انتهينا يا رب ، وذكرت عقب ما قبلها ، لأنه لما نهي فيما قبلها عن تحريم الطيبات مما أحلّ الله ، وكانت الخمر والميسر مما يستطاب عندهم ، ربما يتوهم أنهما داخلان في جملة الطيبات ، فأفاد أنهما ليسا كذلك. قوله : (الذي يخامر العقل) أي يستره ويغطيه ولو كان متخذا من غير العنب. قوله : (القمار) من المقامرة وهي المغالبة ، لأن كلا يريد المغالبة لصاحبه ، والمراد بالقمار اللعب بالملاهي ، كالطاب والطولة والمنقلة ، فيحرم اللعب بذلك إذا كان بمال إجماعا ، وبغيره ففيها الخلاف بين العلماء بالكراهة والحرمة ما لم يضيع بسببها الفرائض ، وإلا فحرام إجماعا ، وسمي ميسرا ، لأن فيه أخذ المال بيسر.