أَيْمانِكُمْ) هو ما يسبق اليه اللسان من غير قصد الحلف كقول الإنسان لا والله وبلى والله (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ) بالتخفيف والتشديد وفي قراءة عاقدتم (الْأَيْمانَ) عليه بأن حلفتم عن قصد (فَكَفَّارَتُهُ) أي اليمين إذا حنثتم فيه (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) لكل مسكين مد (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ) منه (أَهْلِيكُمْ) أي أقصده وأغلبه لا أعلاه ولا أدناه (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) بما يسمى كسوة كقميص وعمامة وإزار ولا يكفي دفع ما ذكر إلى مسكين واحد وعليه الشافعي (أَوْ تَحْرِيرُ) عتق
____________________________________
في الأمم السابقة. قوله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ) هذا مرتب على قوله : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) لأن بعض الصحابة حلف على الترهب لظن أنه قربة ، فلما نزلت الآية شكوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم من اليمين ، فنزلت هذه الآية. قوله : (هو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف) أي بل بقصد التبرر أو لا قصد له وهذا مذهب الشافعي ، وأما عند مالك وأبي حنيفة فاللغو أن يحلف على ظنه فيتبين خلافه. وهذا في غير الطلاق ، وأما هو فلا ينفع فيه اللغو واللغو عند مالك وأبي حنيفة تكفر إن تعلقت بمستقبل فقط ، لا إن تعلقت بحال أو ماض. والحاصل أنه إن قصد باليمين التبرر فهو لغو عند الشافعي لا عند مالك وأبي حنيفة ، وأما إن سبق لسانه باليمين من غير قصد أصلا فهو لغو اتفاقا ، والحلف على ظن شيء فتبين خلافة اتفاقا أيضا. قوله : (وفي قراءة عاقدتم) والثلاث سبعيات ، فالتخفيف ظاهر ، والتشديد للمبالغة ، وما مصدرية أي بتعقيدكم الأيمان.
قوله : (فَكَفَّارَتُهُ) مبتدأ ، و (إِطْعامُ) خبره وهو مضاف لمفعوله الأول ، والمفعول الثاني قوله : (مِنْ أَوْسَطِ) والفاعل محذوف قياسا يعود على الحالف تقديره إطعامه عشرة مساكين. قوله : (أي اليمين) إن قلت : إن اليمين مؤنثة فلم عاد الضمير عليها مذكرا؟ أجيب : بأنها تذكر بمعنى الحلف. قوله : (إذا حنثتم فيه) أي وهو الحلف بالله أو بصفة من صفاته القديمة ، وأما الحلف بغير ذلك فلا حنث فيه ، ثم هو إن كان مما يعظم شرعا كالكعبة والنبي فقيل مكروه وقيل حرام ، وإلا فهو ممنوع لما في الحديث : «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت». قوله : (عَشَرَةِ مَساكِينَ) المراد ما يشمل الفقراء ، والفقير هو من لا يملك قوت عامه ، والمسكين من التصقت يده بالتراب عند مالك. قوله : (لكل مسكين مد) أي وهو رطل وثلث بالبغدادي ، وبالمصري رطل وأوقيتان وربع أوقية.
قوله : (ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) قدر المفسر المفعول الثاني بقوله منه والأوضح أن يقدره متصلا به وأهليكم مفعوله الأول. قوله : (أغلبه) هذا تفسير لأوسط ، فإن كان القمع غالب اقتياتهم مثلا أخرج منه. ولو كان هو يفتات ذرة مثلا. وهل المراد بالغالب وقت الإخراج وهو مذهب مالك أو في السنة وهو مذهب الشافعي. وقوله : (لا أعلاه ولا أدناه) أي لا تفهم أن المراد بالأوسط ما قابل الأعلى كالقمح. والأدنى كالدخن. بل المراد به الغالب في الاقتيات. كان هو في نفسه أعلى أو أدنى أو أوسط. ويكفي بدل الإمداد عند مالك ، لكل واحد رطلان من خبز ، أو إطعام العشرة غداء وعشاء. أو غداءين أو عشاءين. قوله : (بما يسمى كسوة) أي وإن لم يكن من غالب كسوة الناس لأن قيد الأوسطية مخصوص بالإطعام. واشترط مالك كون الكسوة تستر البدن للرجل ثوب ، وللمرأة درع وخمار. قوله : (وعمامة وإزار) الواو