بِظُلْمٍ) منها (وَأَهْلُها غافِلُونَ) (١٣١) لم يرسل إليهم رسولا يبين لهم (وَلِكُلٍ) من العاملين (دَرَجاتٌ) جزاء (مِمَّا عَمِلُوا) من خير وشر (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (١٣٢) بالياء والتاء (وَرَبُّكَ الْغَنِيُ) عن خلقه وعبادتهم (ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) يا أهل مكة بالإهلاك (وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) من الخلق (كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) (١٣٣) أذهبهم ولكنه أبقاكم رحمة لكم (إِنَّ ما تُوعَدُونَ) من الساعة والعذاب (لَآتٍ) لا محالة (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (١٣٤) فائتين عذابنا (قُلْ) لهم (يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) حالتكم (إِنِّي عامِلٌ) على حالتي (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ) موصولة مفعول العلم (تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) أي العاقبة
____________________________________
المفسر ، والتقدير ذلك ثابت لأنه لم يكن الخ. قوله : (لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى) أي لغلبة رحمته ، لا ينزل العذاب على من خالف وعصى ، حتى يتكرر عليهم الانذار والتخويف. قوله : (بِظُلْمٍ) (منها) الباء سببية ، وقدر المفسر قوله منها إشارة إلى أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من القرى ، والمعنى لم يكن مهلك أهل القرى بسبب وقوع ظلم منها ، والحال أن أهلها لم يرسل لهم رسول. قوله : (من العاملين) أي طائعين أو عاصين. قوله : (جزاء) دفع بذلك ما يقال إن الدرجات بالجيم للطائعين فينا في العموم المتقدم. فأجاب بأن المراد بالدرجات الجزاء ، وهو صادق بالدرجات والدركات. وأجيب أيضا : بأن في الكلام اكتفاء أي ودركات على حد سرابيل تقيكم الحر أي والبرد. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (وَرَبُّكَ الْغَنِيُ) هذا مرتب على ما قبله ، جواب عما يقال حيث كان لكل من الطائعين والعاصين جزاء لا مفر لهم منه ، فما وجه إمهالهم وعدم تعجيل ذلك لهم؟ فأجاب : بأنه الغني ، فلا ينتفع بطاعة الطائع ، ولا تضره معصية العاصي ، وربك مبتدأ ، والغني خبره ، و (ذُو الرَّحْمَةِ) خبر ثان ويصح أن يكون الغني وذو الرحمة صفتين له ، وجملة : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) خبره. قوله : (ذُو الرَّحْمَةِ) أي ومن أجل ذلك بقاء الخلق من غير استئصال الهلاك لهم. قوله : (بالإهلاك) أي جملة واحدة ، بحيث لم يبق منهم أحد كعاد وثمود.
قوله : (وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) أي ينشىء ويوجد بعد إذهابكم ما يشاء. قوله : (مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) أي وهم أهل سفينة نوح وذريتهم من بعدهم من القرون إلى زمنكم. قوله : (ولكنه أبقاكم رحمة لكم) أي لوجود نبيكم ، لأنه بعث رحمة لا عذابا. قوله : (من الساعة) بيان لما. قوله : (لَآتٍ) خبر إن مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين كقاض.
قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي فارين من عذابنا ، بل هو مدرككم لا محالة. قوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) هذا أمر تهديد وزجر ، نظير قوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) ، وقوله عليه الصلاة والسّلام «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» والمكانة إما من التمكن وهو الاستطاعة فتكون الميم أصلية ، أو من الكون بمعنى الحالة فتكون زائدة ، والمفسر جعلها بمعنى الحالة. قوله : (مَنْ) (موصولة مفعول العلم) أي (تَكُونُ) صلتها ، و (عاقِبَةُ الدَّارِ) اسمها ، و (لَهُ) خبرها ، وعلم عرفانية متعدية لواحد ، ويصح أن