فقتلتموهم والخطاب لمن في زمن نبينا صلىاللهعليهوسلم وإن كان الفعل لأجدادهم لرضاهم به (فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٨٣) في أنكم تؤمنون عند الإتيان به (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ) المعجزات (وَالزُّبُرِ) كصحف إبراهيم (وَالْكِتابِ) وفي قراءة بإثبات الباء فيهما (الْمُنِيرِ) (١٨٤) الواضح كالتوراة والإنجيل فاصبر كما صبروا (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ) جزاء أعمالكم (يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ) بعد (عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) نال غاية مطلوبه (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) أي العيش فيها (إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (١٨٥) الباطل يتمتع به قليلا ثم يفنى (لَتُبْلَوُنَ) حذف منه الرفع لتوالي النونات والواو ضمير الجمع لإلتقاء الساكنين لتختبرن
____________________________________
وأكلته النار. قوله : (لرضاهم به) أي والرضا بالكفر كفر. قوله : (فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ) أي فلأي شيء قتلتموهم.
قوله : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ) أي داموا على تكذيبك ، وجواب الشرط محذوف قدره المفسر بقوله فاصبر كما صبروا والمناسب ذكره بلصقه وأما فقد كذب رسل فدليل الجواب ، ولا يصح أن يكون جوابا لأنه ماض بالنسبة للشرط ، وهذا تسلية له صلىاللهعليهوسلم. قوله : (المعجزات) أي الظاهرة الباهرة. قوله : (وَالزُّبُرِ) جمع زبور وهو كل كتاب اشتمل على المواعظ من الزبر ، وهو الموعظة والزجر. قوله : (وَالْكِتابِ) عطف خاص على العام ، وإنما خصهما لشرفهما. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا.
قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) هذا أيضا من جملة التسلية له صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى كل روح ذائقة الموت لجسمها وإلا فالروح لا تموت ، وعموم الآية يشمل حتى الشهداء والأنبياء والملائكة. وأما قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً ، بَلْ أَحْياءٌ) فمعناه ترد بعد خروجها لهم ، وكذلك الأنبياء والملائكة ، وأما ما عداهم فلا ترد ، لهم إلا عند النفخة الثانية. قوله : (جزاء أعمالكم أي خيرها أو شرها). قوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي وما ألحق به لما ورد «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار». قوله : (وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ) أي مع السابقين أو بعد الخروج من النار. قوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) أي القريبة وهي التي نحن ملتبسون بها. قوله : (الباطل) أي الزائل الذي لا يبقى ، ويصح أن يراد بالغرور مصدر بمعنى اسم المفعول ، أي المخدوع بالشيء الحسن ظاهره القبيح باطنه بمعنى أنه لا يدري العواقب. قال الإمام الشافعي :
إن لله عبادا فطنا |
|
طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا |
نظروا فيها فلما علموا |
|
أنها ليست لحي وطنا |
جعلوها لجة واتخذوا |
|
صالح الأعمال فيها سفنا |
قوله : (لَتُبْلَوُنَ) أخبار من الله للمؤمنين بأنه سيقع لهم بلايا من الله بلا واسطة ، ومن الكفار أذى كثير في أموالهم وأعراضهم وأنفسهم ، وأمر منه لهم بالصبر حين وقوع ذلك ، لأن الجنة حفت بالمكاره ، واللام موطئه لقسم محذوف ، وتبلون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي النونات ، والواو نائب فاعل ، والنون للتوكيد ، وأصله تبلوون أكد فصار تبلونن ، ثم أتى باللام لتدل على القسم المحذوف تحركت الواو الأولى التي هي اللام الكلمة ، وانفتح ما قبلها قلبت الفا فالتقى ساكنان ، حذفت