ليكفروا أي حسدا على (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ) بالتخفيف والتشديد (مِنْ فَضْلِهِ) الوحي (عَلى مَنْ يَشاءُ) للرسالة (مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ) رجعوا (بِغَضَبٍ) من الله بكفرهم بما أنزل والتنكير للتعظيم (عَلى غَضَبٍ) استحقوه من قبل بتضييع التوراة والكفر بعيسى (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) (٩٠) ذو إهانة (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) القرآن وغيره (قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) أي التوراة ، قال تعالى (وَيَكْفُرُونَ) الواو للحال (بِما وَراءَهُ) سواه أو بعده من القرآن (وَهُوَ الْحَقُ) حال (مُصَدِّقاً) حال ثانية مؤكدة (لِما مَعَهُمْ قُلْ) لهم (فَلِمَ تَقْتُلُونَ) أي قتلتم (أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٩١) بالتوراة وقد نهيتم فيها عن قتلهم ، والخطاب للموجودين في زمن نبينا بما فعل آباؤهم لرضاهم به (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات كالعصا واليد وفلق
____________________________________
قوله : على أن (يُنَزِّلَ اللهُ) المعنى كفرهم بما أنزل الله حسدا على إنزال الله من فضله ، وذلك بمعنى قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ). قوله : (الوحي) قدره إشارة إلى أن مفعول ينزل محذوف. قوله : (عَلى مَنْ يَشاءُ) مفعول يشاء محذوف التقدير يشاؤه. قوله : (بكفرهم) الباء يصح أن تكون للتعدية وللسببية والتنكير للتعظيم. أي في قوله غضب على حد شرا هر ذا ناب. قوله : (والكفر بعيسى) أي ثم الكفر بمحمد وما جاء به ، فقد آمنوا بموسى ثم كفروا به وضيعوا التوراة ، فلما جاءهم عيسى آمنوا به ثم كفروا به ، فلما جاءهم محمد كفروا به ، وازدادوا كفرا. قوله : (عَذابٌ مُهِينٌ) أصله مهون نقلت كسرة الواو إلى الهاء فوقعت الووا ساكنة بعد كسرة قلبت ياء. قوله : (ذو إهانة) أي هوان وذل ولا يوصف بذلك إلا عذاب الكافرين ، وأما ما يقع للعصاة في الدنيا من المصائب وفي الآخرة من دخول النار فهو تطهير لهم. قوله : (بِما وَراءَهُ) يطلق بمعنى سوى وبمعنى بعد وبمعنى أمام اقتصر المفسر على الأولين. قوله : (من القرآن) أي والأنجيل.
قوله : (وَهُوَ الْحَقُ) حال من ما. قوله : (مؤكدة) أي لمضمون الجملة قبلها على حد زيد أبوك عطوفا وقوله : (ثانية) أي في التأكيد وإلا فهي ثالثة. قوله : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ) ما اسم استفهام حذفت ألفها لجرها باللام ، والفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بالتوراة فلأي شيء تقتلون أنبياء الله. قوله : (أي قتلتم) أشار بذلك إلى أن المضارع بمعنى الماضي ، وإنما عبر بالمضارع لحكاية الحال الماضية. قوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) جواب إن محذوف دل عليه المذكور ، فقد حذف من الجملة الأولى أداة الشرط وفعلها ومن الثانية الجواب فهو احتباك ، وقيل إن نافية بمعنى ما نتيجة الشرط المقدر. قوله : (بما فعل آباؤهم) الحاصل أنه أقيمت الحجة عليهم مرتين ، الأولى دعواكم الإيمان بالتوراة ، كذب لكفرهم بالقرآن ، فإن الكافر بأي كتاب كافر بالجميع ، وعلى تسليم هذه الدعوى فهي كذب من جهة أخرى وهي قتل الأنبياء ، فلو كنتم مؤمنين بالتوراة لانتهيتم عما نهاكم الله عنه ، فإنه نهاكم فيها عن قتل الأنبياء. قوله : (لرضاهم به) جواب عما يقال إن ذلك فيمن قتل الأنبياء ، وأما هؤلاء فلم يقع منهم ذلك ، فأجاب بأن الرضا بالكفر كفر ، وقد يقال إنهم مصرون على قتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد تسببوا في ذلك مرارا.
قوله : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى) هذا أيضا من جملة قبائح بني إسرائيل. قوله : (كالعصا) دخل تحت