تَشْعُرُونَ) (١٥٤) تعلمون ما هم فيه (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) للعدو (وَالْجُوعِ) القحط (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) بالهلاك (وَالْأَنْفُسِ) بالقتل والموت والأمراض (وَالثَّمَراتِ) بالجوائح أي لنختبرنكم فننظر أتصبرون أو لا (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (١٥٥) على البلاء بالجنة هم (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) بلاء (قالُوا إِنَّا لِلَّهِ) ملكا وعبيدا يفعل بنا ما يشاء (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (١٥٦) في الآخرة فيجازينا ، في الحديث «من استرجع عند المصيبة آجره الله فيها وأخلف عليه خيرا» وفيه «أن مصباح النبي صلىاللهعليهوسلم طفىء فاسترجع فقالت عائشة إنما هذا مصباح فقال : كل ما ساء المؤمن فهو مصيبة» رواه أبو داود في مراسيله (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ) مغفرة (مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) نعمة
____________________________________
أجساد الشهداء. قوله : (أرواحهم في حواصل الطيور إلخ) أي فهو كالهودج لها ، وأما أرواح المؤمنين المطيعين الغير الشهداء فتتنعم خارج الجنة بريحها ومأواها البرزخ ، وأما أرواح العصاة والكفار فهي مسجونة لا تصرف لها ، وأما أرواح الأنبياء فورد أنها تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش في الجنة ، وأما أرواح صغار المؤمنين ففي الجنة في كفالة إبراهيم وسارة.
قوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) اللام موطئة لقسم محذوف أي والله لنبلونكم ونبلون جوابه ، واقترن باللام والنون لكونه مضارعا مثبتا مستقبلا ، والمعنى لنختبركم أيها المؤمنون لما في الحديث «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» أو ولو كان المؤمن في غاية نعيمها والكافر في أشد ضيقها. قوله : (القحط) هو في الأصل تخلف المطر وهو سبب في الجوع ، فقد فسر الشيء بسببه. قوله : (بالجوائح) أي الآفات المتلفة للزرع ونحوه. قوله : (أي لنختبركم) أي لنظهر ذلك للملائكة ولبعضكم فمن صبر فله الرضا ، ومن جزع فله السخط. قوله : (بالجنة) متعلق ببشر ، والمعنى بشرهم بالجنة من غير سابقة عذاب. قوله : (هم) (الَّذِينَ) أشار بذلك إلى أن الذين خبر لمبتدأ محذوف واقع في جواب سؤال مقدر قيل نعت مقطوع ، وقيل إن الذين نعت للصابرين وهو أحسنها ، وقيل منصوب على المدح بفعل محذوف تقديره أمدح ، وقيل مبتدأ خبره قوله أولئك. قوله : (مُصِيبَةٌ) أي مصيبة كانت سواء كانت فقد مال أو نفس أو جوعا أو خوفا أو غير ذلك.
قوله : (إِنَّا لِلَّهِ) أي مملوكون ومخلوقون له يتصرف فينا على ما أراد ، وهذه المقالة من خصائص هذه الأمة ، ولو كانت لغيرهم لكانت ليعقوب حين فقد يوسف فقال يا أسفا. قوله : (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) أي صائرون. قوله : (من استرجع) أي قال إن لله وإنا إليه راجعون. قوله : (آجره الله فيها) أي بسببها وفي المصباح أجره الله أجرا من بابي ضرب وقتل وآجره بالمد لغة ثالثة إذا أثابه. قوله : (وأخلف عليه خيرا) أي منها إما في الآخرة فقط أو فيها وفي الدنيا ، فمن رضي بأحكام الله وصبر على ما أصابه فله الرضا من الله ، ولكل مصيبة دواء إلا الموت على الكفر والعياذ بالله تعالى ، قال بعضهم :
لكل شيء إذا فارقته عوض |
|
وليس لله إن فارقت من عوض |
قوله : (إنما هذا مصباح) أي شيء قليل. قوله : (صَلَواتٌ) جمع صلاة وهي المغفرة كما فسر بذلك المفسر ، وجمعها إشارة إلى أنه لا يبقى عليهم ذنوب أبدا بل عليهم مغفرة متكررة ، قوله : (نعمة) دفع بذلك ما يقال إن الصلاة هي الرحمة ، فعطف الرحمة عليها مرادف فيما حكمة التكرار ، فأجاب المفسر بمنع