عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ) لهم عيسى (اتَّقُوا اللهَ) في اقتراح الآيات (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١١٢) (قالُوا نُرِيدُ) سؤالها من أجل (أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَ) تسكن (قُلُوبُنا) بزيادة اليقين (وَنَعْلَمَ) نزداد علما (أَنْ) مخففة أي أنك (قَدْ صَدَقْتَنا) في ادعاء النبوة (وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ) (١١٣) (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا) أي يوم نزولها (عِيداً) نعظمه ونشرفه (لِأَوَّلِنا) بدل من لنا بإعادة الجار (وَآخِرِنا) ممن يأتي بعدنا (وَآيَةً مِنْكَ) على قدرتك ونبوتي (وَارْزُقْنا) إياها (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (١١٤) (قالَ اللهُ) مستجيبا له (إِنِّي مُنَزِّلُها) بالتخفيف والتشديد (عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ) أي بعد نزولها (مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) (١١٥) فنزلت الملائكة بها من السماء عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات
____________________________________
الأرض وله قوائم ، وأما السفرة فهي ما كانت من جلد مستدير ، فالخوان فعل الملوك ، والمناديل فعل العجم ، والسفرة فعل العرب ، والمقصود هنا الطعام الذي يؤكل كل على خوان أو غيره ، والمائدة إما من الميد وهو التحرك كأنها تميد بما عليها من الطعام ، وعليه فهي اسم فاعل على أصلها ، أو من مادة بمعنى أعطاه فهي فاعلة بمعنى مفعولة أي معطاة. قوله : (اتَّقُوا) أي تأدبوا في السؤال ، ولا تخترعوا أمورا خارجة عن العادة ، فإن الأدب في السؤال أن تسأل أمرا معتادا ، ومن هنا حرم العلماء الدعاء بما تحيله العادة. قوله : (في اقتراح الآيات) أي اختراعها. قوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) جواب الشرط محذوف دل عليه قوله : (اتَّقُوا اللهَ). قوله : (أَنْ نَأْكُلَ مِنْها) قيل اقتياتا وقيل تبركا وهو المتبادر. قوله : (بزيادة اليقين) أي لأن الانتقال من علم اليقين إلى عين اليقين أقوى في الإيمان. قوله : (أي أنك) (قَدْ صَدَقْتَنا) قدر المفسر اسم أن غير ضمير شأن وهو شاذ ، فالمناسب أن يقول أي أنه أن أن إذا خففت كان اسمها ضمير شأن. قوله : (عَلَيْها) متعلق بالشاهدين والمعنى ونكون من الشاهدين عليها عند من لم يحضرها ليزداد من آمن بشهادتنا يقينا وطمأنينة. قوله : (قالَ عِيسَى) أي حين أبدوا هذه الأمور ، فقام واغتسل ولبس المسح وصلى ركعتين فطأطأ رأسه وغض بصره وقال اللهم ربنا الخ ، وهذه الآداب لا تخص عيسى ، بل ينبغي لكل داع فعلها ، لأن إظهار الذل والفاقة في الدعاء من أسباب الإجابة. قوله : (أي يوم نزولها) أي وقد نزلت يوم الأحد فاتخذه النصارى عيدا. قوله : (عِيداً) هو مشتق من العود وهو الرجوع لأنه يعود ، وجمعه أعياد ، وتصغيره عييد ، وكان قياسه أعوادا وعويدا ، وإنما فعلوا ذلك فرقا بينه وبين عود الخشب. قوله : (بدل من لنا) أي بدل كل من كل. قوله : (وَارْزُقْنا) أي انفعنا بها ، وهو مغاير لما قبله لأنه لا يلزم من الإنزال انتفاعهم بها. قوله : (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) تتميم لما قبله على وجه الاستدلال ، كأنه قال وارزقنا لأنك خير الرازقين ، واسم التفضيل على بابه من حيث إن أسباب الرزق كثيرة والله خير من يأتي بالرزق لأنه الخالق والموجد له ، وأما غيره فهو رازق باعتبار أنه سبب في الرزق وجار على يديه. قوله : (قالَ اللهُ) أي على لسان ملك أو إلهاما له. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بَعْدُ) مبني على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه. قوله : (بعد نزولها) إشارة إلى تقدير المضاف إليه. قوله : (لا أُعَذِّبُهُ) الضمير عائد على العذاب ، والمعنى لا يكون ذلك العذاب لأحد من العالمين من حيث شدته وقبحه ، والجملة صفة لعذابا. قوله : (مِنَ الْعالَمِينَ) أي