فأكلوا منها حتى شبعوا قاله ابن عباس وفي حديث أنزلت المائدة من السماء خبزا ولحما فأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا لغد فخانوا وادخروا فمسخوا قردة وخنازير (وَ) اذكر (إِذْ قالَ) أي يقول (اللهُ) لعيسى في القيامة توبيخا لقومه (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ) عيسى وقد أرعد (سُبْحانَكَ) تنزيها لك عما لا يليق بك من الشريك وغيره
____________________________________
عالمي زمانهم أو مطلقا ، والشدة في الدنيا والآخرة ، لما قيل إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون. قوله : (فنزلت الملائكة) روي أنها نزلت سفرة حمراء مدورة وعليها منديل بين غمامتين : غمامة من فوقها ، وغمامة من تحتها ، وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم ، فبكى عيسى وقال : اللهم اجعلني من الشاكرين ، ثم قام وتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل وقال : بسم الله خير الرازقين كلوا مما سألتم ، فقالوا يا روح الله كن أنت أول من يأكل منها ، فقال معاذ الله أن آكل منها يأكل منها ما سألها ، فخافوا أن يأكلوا منها ، فدعا لها أهل الفاقة والمرض والبرص والجذام والمقعدين فقال : كلوا من رزق الله ، لكم الهناء ولغيركم البلاء ، فأكلوا منها وهم ألف وثلثمائة رجل وامرأة ، وفي رواية سبعة آلاف وثلثمائة ، فلما أتموا الأكل طارت المائدة وهم ينظرون حتى توارت عنهم ، ولم يأكل منها مريض أو زمن أو مبتلي إلا عوفي ، ولا فقيرا إلا استغنى ، وندم من لم يأكل منها ، فمكثت تنزل أربعين صباحا متوالية ، وقيل يوما بعد يوم. قوله : (عليها سبعة أرغفة الخ) هذه أشهر الروايات ، وفي رواية خمسة أرغفة ، على واحد زيتون ، وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد وسمكة مشوية بلا فلوس ولا شوك ، تسيل دسما ، وعند رأسها ملح ، وعند ذنبها خل ، وحولها من أصناف البقول ما خلا الكراث ، فقال شمعون رأس الحواريين : يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة؟ قال ليس منهما ، ولكنه شيء اخترعه الله بالقدرة العالية ، وفي رواية نزلت سمكة من السماء فيها طعم كل شيء. قوله : (خبزا ولحما) جمع بأن اللحم لحم سمك. قوله : (فخانوا وادخروا الخ) أي فسبب مسخهم خيانتهم وادخارهم أي مع كفرهم ، وفي رواية إن سبب مسخهم أنه بعد تمام الأربعين يوما من نزولها ، أوحى الله إلى عيسى أن اجعل مائدتي هذه للفقراء دون الأغنياء ، فتمارى الأغنياء في ذلك وعادوا الفقراء. قوله : (فمسخوا) أي فمسخ الله منهم ثلثمائة وثلاثين رجلا باتوا ليلتهم مع نسائهم ثم أصبحوا خنازير ، فلما أبصرت الخنازير عيسى بكت وجعل يدعوهم بأسمائهم فيشيرون برؤوسهم ولا يقدرون على الكلام ، فعاشوا ثلاثة أيام وقيل سبعة وقيل أربعة ثم هلكوا. قوله : (وَإِذْ قالَ اللهُ) معطوف على قوله : (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ) عطف قصة على قصة ، وفي الحقيقة هو من أفراد سؤال الرسل فهو داخل تحت قوله (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) الخ ، وإنما خصه بالذكر تقبيحا وتشنيعا عليهم لبشاعة عقيدتهم في نبيهم. قوله : (في القيامة) مشى المفسر والجمهور على أن ذلك القول إنما يقع يوم القيامة ، وعليه فإذا بمعنى إذا ، وقال بمعنى يقول ، وإنما عبر بالماضي لاستواء الأزمان في علمه حالها وماضيها ومستقبلها ، لأنه أحاط بكل شيء علما ، فلذا أتى بالماضي الذي يدل على تحقق الحصول ، وقيل إن السؤال وقع في الدنيا بعد رفعه إلى السماء ، وعليه فإذ ، وقال على بابهما. قوله : (توبيخا لقومه) جواب عما يقال إن الله تعالى عالم بكل شيء ، فلم كان هذا السؤال؟ فأجاب بأن المقصود منه توبيخ من كفر ، وهذا يؤيد ما قاله الجمهور ، ويضعف الاحتمال الثاني. قوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) متعلق بمحذوف صفة