لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) جمع شعيرة أي معالم دينه بالصيد في الإحرام (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) بالقتال فيه (وَلَا الْهَدْيَ) ما أهدى إلى الحرم من النعم بالتعرض له (وَلَا الْقَلائِدَ) جمع قلادة وهي ما كان يقلد به شجر الحرم ليأمن أي فلا تتعرضوا لها ولا لأصحابها (وَلَا) تحلوا (آمِّينَ) قاصدين (الْبَيْتَ الْحَرامَ) بأن تقاتلوهم (يَبْتَغُونَ فَضْلاً) رزقا (مِنْ رَبِّهِمْ) بالتجارة (وَرِضْواناً) منه بقصده بزعمهم الفاسد وهذا منسوخ بآية براءة (وَإِذا حَلَلْتُمْ) من الإحرام (فَاصْطادُوا) أمر
____________________________________
قوله : (أي معالم دينه) أي العلامات الدالة على دينه من مأمورات ومنهيات ، والمعنى لا تتهاونوا بمعالم دينه ، وقوله : (بالصيد في الإحرام) خصه لقرينة ما قبله وما بعده ، وإلا فاللفظ عام كقوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فأولا أمرنا بالوفاء بها ، وثانيا نهانا عن التفريط والتهاون بالشعائر ، وهي كناية عن معالم الدين والإحلال ، تارة يكون بالفعل أو الاعتقاد.
قوله : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) هو وما بعده من عطف الخاص على العام ، اعتناء بشأن تلك الأمور. قوله : (بالقتال فيه) سيأتي للمفسر أنه منسوخ بآية براءة ، وإن حمل على غير القتال كالظلم مثلا فليس بمنسوخ ، قال تعالى : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ). قوله : (ما أهدى إلى الحرام) إن حمل على هدايا الكفار فهو منسوخ بقوله تعالى : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) وبقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وسبب ذلك أن رجلا من ربيعة يقال له الحطم سريح بن هند أتى المدينة وترك خيله وجيوشه ، وجاء رسول الله بنفسه ، وقد كان أخبرهم النبي به فقال : الوجه وجه كافر والقفا قفا غادر ، فلما وصل النبي صلىاللهعليهوسلم قال له : يا محمد ما تأمرنا به؟ فقال : «شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة». فقال حسن إلا أن لي أمراء لا أقطع أمرا دونهم ، ولعلي أسلم وآتي بهم ، فلما خرج استاق جملة من غنم أهل المدينة وإبلهم ، فلما كان في العام القابل ، جاء ومعه تلك الإبل والغنم قد ساقها وهو مع بني بكر ، وهم أصحاب حلف للنبي عليه الصلاة والسّلام ، فأحب أصحاب رسول الله أن يأخذوها منه ، فنزلت الآية. قوله : (أي فلا تتعرضوا لها) أي للقلائد ، وهي ما قلد به من شجر الحرم ، وقوله : (ولا لأصحابها) أي الهدايا المقلدات ، والنهي عن التعرض للقلائد مبالغة عن التعرض للهدايا على حد ، ولا يبدين زينتهن ، لأنه إذا نهى عن إبداء الزينة ، فما بالك بالجسم الموضع فيه الزينة ، ويحتمل أن معنى قوله أو لأصحابها أي الرجال المقلدين ، لأنهم كانوا في الجاهلية إذا أرادوا الخروج من الحرم ، قلدوا أنفسهم بخشبة من شجر الحرم فلا يتعرض لهم ، فتحصل أن المعنى لا تتعرضوا للهدي وإن لم يكن مقلدا ، ولا للقلادة من المقلد ، بل ولا للمقلد من الهدايا أو الرجال. قوله : (آمِّينَ) أي قوما آمين.
قوله : (يَبْتَغُونَ فَضْلاً) حال من الضمير في آمين. قوله : (وهذا منسوخ) أي قوله : ولا الشهر الحرام ، ولا الهدي ، ولا القلائد ، ولا آمين البيت الحرام. وقوله : (بآية براءة) أي جنسها ، إذ الناسخ أكثر من آية ، فالمنسوخ ما عدا قوله : (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) فليست منسوخة إن حملت على معالم دينه كما تقدم ، وأما إن حملت على شعائر الكفار وإحرامهم ، بمعنى لا تبطلوه ولا تهدموه كان أيضا منسوخا ، وليس