محمد العلقمي ، عن الجلال عبد الرحمن السيوطي ، وأما سندنا للجلال المحلي ، فهو بعينه إلى الإمام الحلبي ، وهو عن الإمام الزيادي ، عن الشيخ الرملي ، وهو عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، عن الجلال محمد بن أحمد المحلي رضي الله عنهم ونفعنا بهم ، ولد السيوطي سنة ثمانمائة وتسع وأربعين ، وتوفي سنة تسعمائة وثلاث عشرة فعاش أربعا وستين.
مقدمة : ينبغي لكل شارع في فن أن يعرف مباديه العشرة ليكون على بصيرة فيه وهي : حده ، وموضوعه ، وواضعه ، واستمداده ، واسمه ، وحكمه ، ومسائله ، ونسبته ، وفائدته ، وغايته. فحد هذا الفن : علم بأصول يعرف بها معاني كلام الله على حسب الطاقة البشرية ، وأما معناه : لغة فمأخوذ من الفسر وهو الكشف ، وموضوعه : آيات القرآن من حيث فهم معانيها ، وواضعه : الراسخون في العلم من عهد النبي صلىاللهعليهوسلم إلى هنا على التحقيق كما شهد الله بذلك ، واستمداده : من الكتاب والسنة والآثار والفصحاء من العرب العرباء ، واسمه : علم التفسير ، وحكمه : الوجوب الكفائي ، ومسائله : قضاياه من حيث الأمر والنهي والموعظة إلى غير ذلك ، ونسبته : أنه أفضل العلوم الشرعية وأصلها ، وفائدته : المعرفة بمعاني كلام الله على الوجه الأكمل ، وغايته : الفوز بسعادة الدارين ، أما الدنيا فبامتثال الأوامر واجتناب النواهي ، وأما الآخرة فبالجنة ونعيمها ولذلك يقال له اقرأ وارق.
واعلم : أن القرآن نزل ليلة القدر جملة واحدة إلى سماء الدنيا في مكان يقال له بيت العزة على هذا الترتيب الذي نقرؤه فإنه توقيفي. ثم نزل على النبي صلىاللهعليهوسلم في ثلاث وعشرين سنة على حسب الوقائع لقوله تعالى : (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) [٣٣ : الفرقان] لكن لا على هذا الترتيب ، فإنه نزل عليه ثلاث وثمانون سورة بمكة أي قبل الهجرة ، وبالمدينة إحدى وثلاثون على التحقيق ، فأول ما نزل بمكة اقرأ وآخر ما نزل بها قيل العنكبوت وقيل المؤمنون وقيل ويل للمطففين. وأول سورة نزلت بالمدينة ، البقرة ، وآخر سورة نزلت بها ، المائدة. وهناك بعض سور اختلف فيها ، منها الفاتحة ، ويمكن تكرار نزولها ، وأما أول آية نزلت على الإطلاق ف (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) وآخر آية على الإطلاق (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [٢٨٢ : البقرة] واعلم أيضا أن القرآن ينقسم أربعة أقسام : قسم فيه الناسخ والمنسوخ ، وهو خمسة وعشرون سرة ، وقسم فيه المنسوخ ، فقط وهو أربعون سورة ، وقسم فيه الناسخ فقط ، وهو ست سور ، وقسم لا ناسخ فيه ولا منسوخ وهو ثلاث وأربعون سورة ، وأغلبها من الربع الأخير. وعدة حروف القرآن ألف ألف وخمسة وعشرون ألفا ، ودرج الجنة على قدر ذلك ، وبين الدرجتين خمسمائة عام ، وعدة آياته ستة آلاف ستمائة ستة وستون ونصفه بحسب الآيات قوله تعالى في سورة الشعراء : (فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) [٤٥ : الشعراء] ونصفه بحسب الحروف قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) [٧٤ : الكهف] فالنون من النصف الأول والكاف