الأذكار محل العلة أي لتذكر إن ضلت ودخلت على الضلال لأنه سببه وفي قراءة بكسر إن شرطية ورفع تذكر استئناف جوابه (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما) زائدة (دُعُوا) إلى تحمل الشهادة وأدائها (وَلا تَسْئَمُوا) تملوا من (أَنْ تَكْتُبُوهُ) أي ما شهدتم عليه من الحق لكثرة وقوع ذلك (صَغِيراً) كان (أَوْ كَبِيراً) قليلا أو كثيرا (إِلى أَجَلِهِ) وقت حلوله حال من الهاء في تكتبوه (ذلِكُمْ) أي الكتب (أَقْسَطُ) أعدل (عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) أي أعون على إقامتها لأنه يذكرها (وَأَدْنى) أقرب إلى (أَلَّا تَرْتابُوا) تشكوا في قدر الحق والأجل (إِلَّا أَنْ تَكُونَ) تقع (تِجارَةً حاضِرَةً) وفي قراءة بالنصب فتكون ناقصة واسمها ضمير التجارة (تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ) أي تقبضونها ولا أجل
____________________________________
معطوف على تضل عطف مسبب على سبب أو معلول على علة ، لأن التذكار علة للتعداد ، والاضلال علة للتذكار فهو علة للعلة ، قوله : (ورفع تذكر) أي بالتشديد لا غير ، فالقراءات ثلاث وكلها سبعية فعلى هذه القراءة تضل فعل الشرط وهو مجزوم بسكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الادغام ، قوله : (استئناف) أي خبر لميتدأ محذوف ، والجملة في محل جزم جواب الشرط ، أي فهي تذكر.
قوله : (لا يأب الشهداء) أي لا يجوز للشهود الامتناع من أداء الشهادة أو تحملها ، لأنه فرض كفاية إن وجد من يثبت به الحق غيرهم وإن لم يوجد غيرهم كان التحمل أو الأداء فرض عين ، ومن تأخر عن ذلك كان عاصيا. قوله : (من) (أَنْ تَكْتُبُوهُ) أشار بذلك إلى أن قوله أن تكتبوه في تأويل مصدر مجرور بمن مقدرة معمول لتسأموا ، والمعنى : لا تسأموا من كتابته وظاهره لزوم تقديره من ، وليس كذلك لأن سئم يتعدى بنفسه وبحرف الجر فعلى عدم التقدير أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول لتسأموا. قوله : (لكثرة وقوع ذلك) علة للنهي أي لا يسأم من الكتابة من يكثر منه الحقوق فبالأولى من لم تكثر منه ، وظاهر قوله أي ما شهدتم عليه أن الضمير في تكتبوه عائد على الشهود وهو معنى صحيح فبين أولا كتابة المتداينين ، وثانيا كتابة الشاهدين لشهادتهما لتكون تلك الكتابة مذكرة لهما ، ويصح أن يكون خطابا للمتداينين ويؤول قول المفسر ما شهدتم بأشهدتم ، قوله : (صَغِيراً) (كان) قدر كان إشارة إلى أن صغيرا أو كبيرا خبران لكان المحذوف ، قال ابن مالك :
ويحذفونها ويبقون الخبر |
|
وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر |
وليس بمتعين بل يصح جعلهما حالين من الهاء في تكتبوه ، قوله : (أي الكتب) أي المفهوم من أن تكتبوه على حد (اعدلوا هو أقرب للتقوى). قوله : (وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) هذا يؤيد ما ذكره المفسر أولا من أن الضمير في تكتبوه عائد على الشهود. قوله : (أي تشكوا في قدر الحق والأجل) أي فيلزم على ذلك إما ضرر المدين أو من له الدين.
قوله : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً) إما بالرفع على أن تكون تامة ، أو بالنصب على أنها ناقصة واسمها ضمير تكون قراءتان سبعيتان وحاضرة وتديرونها صفتان لتجارة ، وهو وصف بالجملة بعد الوصف بالمفرد ، عكس قوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) والاستثناء يحتمل أن يكون متصلا من عموم الأحوال ويحتمل أن يكون منقطعا وهو الأقرب ، لأن ما بيع مناجزة ليس داخلا تحت قوله إلى أجل مسمى ، الآية ، قوله : (تقبضونها) راجع لقوله تديرونها وقوله ولأجل فيها راجع لقوله حاضرة ، فهو لف