تأكيد (وَلْيُمْلِلِ) يمل الكاتب (الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) الدين لأنه المشهود عليه فيقر ليعلم ما عليه (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) في إملائه (وَلا يَبْخَسْ) ينقص (مِنْهُ) أي الحق (شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً) مبذرا (أَوْ ضَعِيفاً) عن الإملاء لصغر أو كبر (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) لخرس أو جهل باللغة أو نحو ذلك (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ) متولي أمره من والد ووصي وقيم ومترجم (بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا) أشهدوا على الدين (شَهِيدَيْنِ) شاهدين (مِنْ رِجالِكُمْ) أي بالغي المسلمين الأحرار (فَإِنْ لَمْ يَكُونا) أي الشهيدان (رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) يشهدون (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) لدينه وعدالته وتعدد النساء لأجل (أَنْ تَضِلَ) تنسى (إِحْداهُما) الشهادة لنقص عقلهن وضبطهن (فَتُذَكِّرَ) بالتخفيف والتشديد (إِحْداهُما) الذاكرة (الْأُخْرى) الناسية وجملة
____________________________________
غيره والكاف متعلقة بلا يأب وهي الأوضح ، لأن من لم يعرف الوضع ولا الأحكام لا يتعلق به النهي ، والمعنى لا يمتنع كاتب من الكتابة من أجل تعليم الله له تلك الكتابة. قوله : (تأكيد) أي زيادة في الإيضاح. قوله : (الكاتب) مفعول أول ليملل ومفعوله الثاني قوله الدين ، قوله : (يمل) أشار بذلك إلى أن الأملاء والأملال لغتان يقال أمليته وأمللته بمعنى ألقيت عليه ذلك شيئا فشيئا ، ومن ذلك سميت الملة ملة لا ملائها وإلقائها على رسول الله شيئا فشيئا والقراءة بالفك هنا ، ويصح في غير القرآن الادغام لقول ابن مالك : وفي جزم وشبه الجزم تخيير قفي. قوله : (لأنه المشهود عليه) أي فلا يكتب الكاتب إلا بحضرتهما لقطع النزاع بينهما.
قوله : (وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) أي فلا يكتب كلاما موهما للزيادة أو النقص ، قوله : (وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) تفسير للتقوى وذلك كأن يكتب ألفا ولم يبين كونه فضة أو محبوبا أو ريالا أو غير ذلك أو عشرين محبوبا مثلا ، ولم يبين كونها معاملة أو ذهبا أو غير ذلك. قوله : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) أي أو الذي له الحق ، قوله : (مبذرا) أي في أمور دنياه عند مالك أو في أمور دنياه ودينه عند الشافعي ، قوله : (أو كبر) أي مفرط بحيث لا يدري شيئا أو كان من عليه الحق أنثى يخشى منها الفتنة فتوكل محرمها. قوله : (ومترجم) أي إن كان لا يعرف اللغة العربية مثلا ، قوله : (بِالْعَدْلِ) متعلق بقوله فليملل ، قوله : (أشهدوا على الدين) أشار بذلك إلى السين والتاء لتأكيد الطلب. قوله : (مِنْ رِجالِكُمْ) متعلق بمحذوف صفة لشهيدين. قوله : (أي بالغي المسلمين الأحرار) أي العقلاء العدول ، فشهادة الصبيان لا تقبل في الأموال ولا فيما آل إليها ، وعند مالك تجوز شهادة الصبيان على بعضهم في الجراح ، وكذا لا تقبل شهادة العبيد ولا الكفار ولا المجانين ولا غير العدول ، ولكن إذا لم يوجد العدول فليستكثر من الشهود ، قوله : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) أي في الأموال وما آل إليها ، فإذا لم يوجد الرجل كفى اليمين معهما كما يكفي اليمين معه وحده ، وهذا مذهب مالك والشافعي وأما أبو حنيفة فلا يكتفي باليمين مع الشاهد.
قوله : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ) متعلق باستشهدوا فيؤخذ منه شرط العدالة في الجميع ، وقد صرح بالعدالة في مواضع أخر ، قوله : (وعدالته) العدل هو من لم يفعل كبيرة ولا صغيرة خسة كتطفيف حبة ، ولا ما يخل بالمروءة كالأكل في الأسواق. قوله : (وتعدد النساء الخ) أشار بذلك إلى قوله إن قوله أن تضل متعلق بمحذوف جواب عن سؤال مقدر تقديره لم اشترط تعدد النساء مع أنهن شقائق الرجال ، أجيب بأنه لتذكر إحداهما الأخرى ، وإنما احتيج للتذكار لأن شأنهن النسيان لنقص عقلهن وعدم ضبطهن. قوله : (فتذكر)