(أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بادعاء النبوة ولم ينبأ (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) نزلت في مسيلمة (وَ) من (مَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) وهم المستهزئون قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذِ الظَّالِمُونَ) المذكورون (فِي غَمَراتِ) سكرات (الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) اليهم بالضرب والتعذيب يقولون لهم تعنيفا (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) إلينا
____________________________________
محصورون في الذين يؤمن بالقرآن ، فخرجت اليهود فلا يعتد بإيمانهم بالآخرة لعدم إيمانهم بالقرآن قوله : (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) جملة حالية من فاعل يؤمنون ، وخص الصلاة بالذكر لأنها أشرف العبادات. قوله : (خوفا من عقابها) أي الآخرة. قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ) من اسم استفهام مبتدأ ، وأظلم خبره ، و (كَذِباً) تمييز ، وأشار بقوله : (أي لا أحد) إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي.
قوله : (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَ) أو للتنويع والعطف مغاير ، وليس من عطف الخاص على العام ، ولا من عطف التفسير ، لأن ذلك لا يكون بأو. قوله : (وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) أي من قبل الله ، بل استهوته الشياطين ، وسلب الله عقله ، وختم على سمعه وقلبه ، وجعل على بصره غشاوة حيث قال لما نزلت سورة الكوثر ، أنزلت علي سورة مثلها ، إنا أعطيناك العقعق فصل لربك وازعق إن شانئك هو الأبلق ، وغير ذلك من الخرافات التي قالها مسيلمة الكذاب ، فإن الآية نزلت فيه كما قال المفسر ، وقد ورد أنه أرسل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم كتابا مع رسولين يذكر فيه : من عند مسيلمة رسول الله ، إلى محمد رسول الله ، أما بعد ، فإن الأرض بيننا نصفين ، فلما وصله الكتاب قال للرسولين أتشهدان له بالرسالة؟ فقالا نعم ، فقال رسول الله : لو لا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما ، وكتب له : من عند محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
قوله : (وَ) (من) (مَنْ قالَ) قدره المفسر إشارة إلى أنه معطوف على المجرور بمن. قوله : (وهم المستهزئون) أي كعقبة بن أبي معيط وأبي جهل وأضرابهما ، وما ذكره المفسر هو المشهور ، وقيل نزلت في عبد الله بن أبي سرح ، كان من كتبة الوحي ثم ارتد وقال سأنزل مثل ما أنزل الله ، ثم رجع للإسلام فأسلم قبل فتح مكة والنبي صلىاللهعليهوسلم نازل بمر الظهران ، وقد دخل في حكم هذه الآية كل من افترى على الله كذبا في أي زمان إلى يوم القيامة. قوله : (وَلَوْ تَرى) لو حرف شرط وجوابها محذوف ، قدره المفسر فيما يأتي بقوله لرأيت أمرا فظيعا ، وترى بصرية ومفعولها لمحذوف تقديره الظالمين ، وإذ ظرف لترى ، والتقدير ولو ترى الظالمين وقت كونهم في غمرات الموات الخ. قوله : (المذكورون) أي مسيلمة الكذاب المستهزئون ، والأحسن أن يراد ما هو أعم. قوله : (فِي غَمَراتِ) جمع غمرة من الغمر وهو الستر ، يقال غمرة الماء إذا ستره ، سميت السكرة بذلك لأنها تستر العقل وتدهشه.
قوله : (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) تقدم أن الكافر موكل به سبع من الملائكة يعذبونه عند خروج روحه ، لأن الكافر يكره لقاء الله ، فتأبى روحه الخروج فيخرجونها كرها. إن قلت : إن المؤمن يكره الموت أيضا. أجيب : بأن المؤمن وإن أحب الحياة وكره الموت لكن ذلك قبل احتضاره ومعاينته ما أعد الله له من النعيم الدائم ، وأما إذا شاهد ذلك هانت عليه الدنيا وأحب الموت ولقاء الله ، وأما الكافر فعند خروج روحه حين يشاهد ما أعد له من العذاب الدائم يزداد كراهة في الموت ، وعلى ذلك يحتمل ما ورد : من