استكمال خمس عشرة سنة عند الشافعي (فَإِنْ آنَسْتُمْ) أبصرتم (مِنْهُمْ رُشْداً) صلاحا في دينهم ومالهم (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها) أيها الأولياء (إِسْرافاً) بغير حق حال (وَبِداراً) أي مبادرين إلى إنفاقها مخافة (أَنْ يَكْبَرُوا) رشداء فيلزمكم تسليمها إليهم (وَمَنْ كانَ) من الأولياء (غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) أي يعف عن مال اليتيم ويمتنع من أكله (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ) منه (بِالْمَعْرُوفِ) بقدر أجرة عمله (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ) أي إلى اليتامى (أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) أنهم تسلموها وبرئتم لئلا يقع اختلاف فترجعوا إلى البينة وهذا أمر إرشاد (وَكَفى بِاللهِ) الباء
____________________________________
وإذا شرطية ، وفعل الشرط قوله بلغوا ، وجوابها قوله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ) الخ ، فشرط إعطاء الولي المال لليتيم بلوغ النكاح وعلم الرشد. قوله : (عند الشافعي) أي وعند مالك وأبي حنيفة ثمانية عشر. ومن علامات البلوغ : الحيض وكبر الثدي للإناث ونبات العانة ونتن الأبط وفرق الأرنبة وغلظ الحنجرة ، فإذا وجدت تلك العلامات حكم ببلوغه عند مالك ، وأما عند الشافعي فلا يحكم بالبلوغ إلا بالإحتلام أو الحيض أو بلوغ خمسة عشر سنة ، وما عدا ذلك علامة على البلوغ ولا يحكم عليه به. قوله : (أبصرتم) المناسب أن يكون علمتم ، لأن الرشد يعلم ولا يشاهد بالبصر. قوله : (صلاحا في دينهم ومالهم) هذا مذهب الشافعي ، ويكفي عند مالك في الرشد إصلاح المال فقط.
قوله : (فَادْفَعُوا) جواب الشرط الثاني. قوله : (حال) أي من الواو في تأكلوا مؤولا بمسرفين. قوله : (مخافة) (أَنْ يَكْبَرُوا) قدره إشارة إلى أن قوله : (أَنْ يَكْبَرُوا) مفعول لأجله ، ومفعول (بِداراً) محذوف تقديره ولا تأكلوها حال كونكم مسرفين فيها مبادرين لأكلها ، مخافة كبرهم عليكم فيأخذوها منكم. قوله : (أَنْ يَكْبَرُوا) مضارع كبر بوزن علم ومصدره كبر كعنبا. قوله : (من الأولياء) أولياء الأيتام. قوله : (أي يعف عن مال اليتيم) أي يتباعد عنه لما فيه من الوعيد العظيم الآتي في قوله تعالى : (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) فالواجب على الولي إن كان غنيا التباعد عن مال اليتيم بالمرة ، بل ينبغي له أن لا يخلط ماله بماله ، بل يعطيه لغيره ليتجر له فيه ، ويكون هو ناظرا عليه. قوله : (ويمتنع من أكله) أي فإذا أكله وأطعمه لغيره ولو لمن يصنع سبحا أو جمعا لوالد اليتيم ضمنه إذا لم يوص الميت بذلك ، وأما إن لم يكن لليتامى ولي وليس فيهم كبير رشيد ، حرم الأكل من مالهم وكل من أكل شيئا لزمه عوضه. قوله : (بقدر أجرة عمله) أي ما لم تزد على كفايته ، وإلا فله كفايته فقط ، وهذا مذهب الشافعي ، وعند مالك له أجرة مثله مطلقا زادت عن كفايته أو لا.
قوله : (فَإِذا دَفَعْتُمْ) مرتب على قوله : (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) والمعنى فإذا أردتم الدفع فأشهدوا لئلا يقع اختلاف فترجعوا إلى البينة ، هذا هو المشهور في المذاهب أن الولي لا يصدق في الدفع إلا ببينة تشهد أنه دفعه لهم بعد رشدهم ، فإن لم تكن بينة غرمه ، وهناك قول ضعيف عند مالك وهو أنه يصدق في الدفع بيمين ، فعلة الإشهاد على هذا القول لئلا يحلف الولي ، والفرق بين الأمين والوصي أن الوصي لما كان له التصرف في مال اليتيم كان ضامنا له إلا ببينة تشهد بالدفع ، والأمين لا تصرف له في الأمانة فصدق بيمين في الدفع ، ولذا إذا انصرف فيها كانت متعلقة بذمته ، فلا يصدق في دفعها إلا ببينة كالدين. قوله : (وهذا أمر إرشاد) أي تعليم لمصالح الدنيا فهو أمر ندب. قوله : (الباء زائدة) أي في