تعتبر المماثلة في الدين فلا يقتل مسلم ولو عبدا بكافر ولو حرا (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) من القاتلين (مِنْ) دم (أَخِيهِ) المقتول (شَيْءٌ) بأن ترك القصاص منه وتنكير شيء يفيد سقوط القصاص بالعفو عن بعضه ومن بعض الورثة وفي ذكر أخيه تعطف داع إلى العفو وإيذان بأن القتل لا يقطع أخوة الإيمان ومن مبتدأ شرطية أو موصولة والخبر (فَاتِّباعٌ) أي فعلى العافي اتباع للقاتل (بِالْمَعْرُوفِ) بأن يطالبه بالدية بلا عنف ، وترتيب الاتباع على العفو يفيد أن الواجب أحدهما وهو أحد قولي الشافعي والثاني الواجب القصاص والدية بدل عنه فلو عفا ولم يسمها فلا شيء ورجح (وَ) على القاتل (أَداءٌ) للدية (إِلَيْهِ) أي العافي وهو الوارث (بِإِحْسانٍ) بلا مطل ولا بخس (ذلِكَ) الحكم المذكور من جواز القصاص والعفو عنه على الدية (تَخْفِيفٌ) تسهيل (مِنْ رَبِّكُمْ) عليكم (وَرَحْمَةٌ) بكم حيث وسع في ذلك ولم يحتم واحدا منهما كما حتم على اليهود القصاص وعلى النصارى الدية (فَمَنِ اعْتَدى) ظلم القاتل بأن قتله (بَعْدَ ذلِكَ) أي العفو (فَلَهُ
____________________________________
قوله : (وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) أي إن طلب سيد المقتول القصاص وإلا فله إما قيمة القاتل أو المقتول أو ذات القاتل ، والخيار في ذلك لسيد القاتل. قوله : (وأن الذكر يقتل بالأنثى) أي وبالعكس. قوله : (وأنه تعتبر المماثلة) معطوف على أن الذكر مسلط عليه قوله وبينت السنة. قوله : (فلا يقتل مسلم إلخ) أي فالإسلام أعلى من الحرية وعكسه يقتل به. قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) هذا تقييد لما قبله ، وسيأتي للمفسر أن من يصح أن تكون شرطية أو موصولة فالمعنى على الثاني ، فالشخص الذي ترك له شيء من دم أخيه فاتباع بالدية بالمعروف ، وقرن بالفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط وعلى الأول فأي شخص ترك له الخ فقد بطل القتل فلا مطالبة به. قوله : (من القاتلين) بيان لمن.
قوله : (مِنْ) (دم) (أَخِيهِ) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله : (المقتول) وصف للأخ. قوله : (عن بعضه) أي القصاص ولو شيئا يسيرا كعشرة وذلك كما إذا كان الولي واحدا وعفا عن بعض القصاص. قوله : (ومن بعض الورثة) أي ولو كان العافي واحدا من ألف مثلا ولمن بقي نصيبه من الدية. قوله : (تعطف) أي من الله. قوله : (لا يقطع أخوة الإيمان) أي خلافا للخوارج القائلين بقطع الإيمان بالمعاصي. قوله : (والخبر) (فَاتِّباعٌ) أي جملته من المبتدأ والخبر الذي قدره المفسر بقوله فعلى العافي اتباع.
قوله : (بِالْمَعْرُوفِ) الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لاتباع أي اتباع ملتبس بالمعروف. قوله : (وترتيب الإتباع على العفو) أي بعد ذكر وجوب القصاص. قوله : (أن الواجب أحدهما) أي القصاص أو الدية ، فالدية واجب مستقل مقابل للقصاص. قوله : (وهو أحد قولي الشافعي) أي ومالك أي فأحد قوليهما أن الواجب أحدهما ، فإذا كان عفا على الدية وامتنع من إعطائها فله جبره على الدية ولا يقتل. قوله : (والثاني الواجب القصاص إلخ) أي فالخيار للأولياء في ثلاثة ، إما القصاص أو العفو على الدية أو مجانا ، فلو عفوا على الدية وامتنع القاتل من دفعها فللأولياء إما قتله أو العفو مجانا ، وهذا هو المرتضى في المذهبين. قوله : (فلا شيء) أي على هذا القول وأما على الأول فيلزمه الدية. قوله : (والعفو عنه لا على الدية) أي أو مجانا كما بينته السنة. قوله : (بأن قتله) (بَعْدَ ذلِكَ) أي فحيث ترك حقه لا حق له.