إلى ما يأمركم به وأرسل النبي صلىاللهعليهوسلم أول سراياه وعليها عبد الله بن جحش فقاتلوا المشركين وقتلوا ابن الحضرمي آخر يوم من جمادى الآخرة والتبس عليهم برجب فعيرهم الكفار باستحلاله فنزل (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) المحرم (قِتالٍ فِيهِ) بدل اشتمال (قُلْ) لهم (قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) عظيم وزرا ، مبتدأ وخبر (وَصَدٌّ) مبتدأ منع للناس (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دينه (وَكُفْرٌ بِهِ) بالله (وَ) صد عن (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي مكة (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) وهم النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون وخبر المبتدأ (أَكْبَرُ) أعظم وزرا (عِنْدَ اللهِ) من القتال فيه (وَالْفِتْنَةُ) الشرك منكم (أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) لكم فيه (وَلا يَزالُونَ) أي الكفار (يُقاتِلُونَكُمْ) أيها المؤمنون (حَتَّى) كي (يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ) إلى
____________________________________
ضعف ، وغير ذلك مما وعد الله به المجاهدين. قوله : (وأرسل النبي) هذا بيان لسبب نزول هذه الآيات من هنا إلى آخر الربع. قوله : (أول سراياه) أي وكانت تلك السرية إذ ذاك رجال وقيل اثني عشر ، أرسلهم النبي لمحل يقال له نخلة جهة الطائف يتجسسون على الكفار ويأتون بأخبارهم ، فبينما هم في ذلك الموضع إذ مرت بهم عير لقريش من جهة الطائف ومعها أربعة رجال ، فقتل أهل السرية أحد الأربعة وأسروا اثنين وهرب واحد وغنموا العير وما عليها ، وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة قبل بدر بشهرين. وأعلم أن جملة سراياه وغزواته سبعون ، والسرية من خمسة رجال إلى أربعمائة وما فوقها يقال لها جيش ، ثم صريح المفسر يقتضي أنه لم يكن قبلها سرية ، والذي ذكره في المواهب أو أول سرية كانت في رمضان سابع شهر من هجرته عليه الصلاة والسّلام ، والثانية في شوال ، والثالثة في صفر ، وهذه هي الرابعة ، وغزا قبل تلك السرية ثلاث غزوات إلا أن يجاب عن المفسر بأن المراد بأول سراياه التي حصل منها القتل والغنيمة للكفار ، وأما ما قبلها فلم يقع فيها قتل ولا غنيمة. قوله : (وعليها عبد الله بن جحش) أي أميرا وهو ابن عمة رسول الله. قوله : (فقاتلوا المشركين) أي الذين كانوا مع العير. قوله : (والتبس عليهم برجب) أي حيث رأوا الهلال كبيرا فالتبس عليهم هل هو ابن ليلة أو ليلتين قول : (تعيرهم الكفار باستحلاله) أي حيث قال الكفار للمسلمين أنتم قد استحللتم القتال في الأشهر الحرم.
قوله : و (يَسْئَلُونَكَ) أي سؤال اعتراض. قوله : (بدل اشتمال) أي من الشهر إذ هو مشتمل على القتال لوقوعه فيه. قوله : (كَبِيرٌ) أي إن كان عمدا. قوله : (مبتدأ وخبر) أي والمسوغ وصفه بالجار والمجرور. قوله : (وَ) (صد عن) قدر ذلك المفسر إشارة إلى أنه معطوف على سبيل مسلط عليه صد ، لكن يلزم عليه العطف على المبتدأ قبل استكمال مسوغه ، وأجيب بأنه لا يلزم محذور إلا إذا كان المعطوف أجنبيا من المعطوف عليه ، وهنا ليس بأجنبي لأن الكفر والصد عن سبيل الله والمسجد الحرام من واد واحد. قوله : (وخبر المبتدأ) أي وما عطف عليه وإنما أفرد الخبر لأنه اسم تفضيل مجرد ، والقاعدة أن اسم التفضيل إذا كان مجردا أو مضافا لنكرة يلزم أن يكون بلفظ واحد للمثنى والجمع والمذكر والمؤنث ، قال ابن مالك :
وإن لمنكور يضف أو جردا |
|
ألزم تذكيرا وإن يوحدا |
قوله : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ) المقصود من ذلك تحريض المؤمنين على القتال. قوله : (كي) (يَرُدُّوكُمْ) أشار بذلك إلى أن حتى للتعليل والفعل منصوب بأن مضمرة بعدها ، وعن دينكم متعلق