(نُشُوزاً) ترفعا عليها بترك مضاجعتها والتقصير في نفقتها لبغضها وطموح عينه إلى أجمل منها (أَوْ إِعْراضاً) عنها بوجهه (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا) فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد وفي قراءة يصلحا من أصلح (بَيْنَهُما صُلْحاً) في القسم والنفقة بأن نترك له شيئا طلبا لبقاء الصحبة فإن رضيت بذلك وإلا فعلى الزوج أن يوفيها حقها أو يفارقها (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) من الفرقة والنشوز والإعراض قال تعالى في بيان ما جبل عليه الإنسان (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) شدة البخل أي جبلت عليه فكأنها حاضرته لا تغيب عنه والمعنى أن المرأة لا تكاد تسمح بنصيبها من زوجها
____________________________________
مبتدأ ، لأن أداة الشرط لا يليها إلا الفعل ولو تقديرا ، ونظيره وإن أحد من المشركين استجارك.
قوله : (خافَتْ) الخوف توقع الأمر المكروه ، فقوله : (توقعت) أي انتظرته. قوله : (زوجها) أي ويقال له سيد أيضا ، قال تعالى : (وَأَلْفَيا سَيِّدَها) والسيد والبعل مختصان بالرجل ، والزوج كما يطلق على الرجل يطلق على المرأة. قوله : (يترك مضاجعتها) الباء سببية ، والمراد بالترك التقليل من ذلك. قوله : (والتقصير في نفقتها) أي التقليل منها ، مع كونه لم يكن ترك الحقوق الواجبة ، وإلا فصلحه بالمال على ترك الحقوق الواجبة يحرم عليه ولا يحل له أخذه ، مع أن الموضوع أنه لا جناح عليه ولا عليها فيه فتأمل. قوله : (وطموح عينه) أي تلفته ونظره إلى غيرها قوله : (إلى أجمل منها) أي ولو بحسب ما عنده. قوله : (أَوْ إِعْراضاً) معطوف على (نُشُوزاً) والمراد بالإعراض عنها بوجهه عدم البشاشة معها ولقاؤها بوجه عبوس ، قال الشاعر :
وللغدر عين لن تزال عبوسة |
|
وعين الرّضا مصحوبة بالتبسّم |
قوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) أي لا إثم في ذلك على المرأة إذا صالحته على ترك القسم أو النفقة أو الكسوة ، ولا على الرجل في قبول ذلك منها ، ونفي الجناح على الرجل ظاهر لأنه يأخذ منها شيئا ، فهو مظنة الجناح ، وأما نفي الجناح عن المرأة فمن حيث دفع ذلك ، لأنه ربما يقال إنه كان كالربا ، فإنه حرام على الدافع والآخذ. قوله : (فيه إدغام التاء) أي بعد قلبها صادا وتسكينها. قوله : (وفي قراءة يصلحا) أي وهي سبعية ، وقوله : (صُلْحاً) مفعول مطلق على كلا القراءتين ، ويصح على القراءة الثانية جعله مفعولا به إن ضمن يصلحا معنى يوفقا ، وقوله : (بَيْنَهُما) حال من قوله : (صُلْحاً) لأنه نعت نكرة قدم عليها ، وأقحمه إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون ذلك الصلح سرا لا يطلع عليه إلا أهلهما. قوله : (بأن نترك له شيئا) أي بما لها عليه من الحقوق ، كالنفقة والكسوة والمبيت ، قوله : (فإن رضيت بذلك) جواب الشرط محذوف تقديره لزمها ذلك ، قوله : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) هذه الجملة كالتي بعدها معترضة بين جملة الشرط الأولى والثانية ، وقوله : (خَيْرٌ) اسم تفضيل والمفضل عليه محذوف ، قدره المفسر بقوله : (من الفرقة) لا يقال الفرقة لا خير فيها إلا أن يقال قد يكون في الفرقة خير أيضا لكنه متوهم ، وأما خيرية الصلح فمحققة ، وقيل إنه ليس على بابه ، بل على الصلح خير من الخيور ، كما أن النشوز شر من الشرور. قوله : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) الأنفس نائب فاعل ، أحضرت مفعول أول ، والشح مفعول ثان ، والمعنى أحضر الله الأنفس الشح أي كل ما عليه ، فمتى تعلقت الأنفس بشيء فلا ترجع عنه إلا بمشقة. قوله :