بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة المائدة
مدنيّة وآياتها عشرون ومائة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) العهود المؤكدة التي بينكم
____________________________________
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة المائدة
مدنية مائة وعشرون أو وثنتان أو وثلاث آية
وجه المناسبة بينها وبين ما قبلها أنه حيث وعدنا الله بالبيان كراهة وقوع الضلال منا ، تمّم ذلك الوعد بذكر هذه السورة ، فإن فيها أحكاما لم تكن في غيرها ، قال البغوي عن ميسرة قال : إن الله تعالى أنزل في هذه السورة ثمانية عشر حكما ، لم تنزل في غيرها من سورة القرآن ، وهي : (المنخنقة والموقوذة والمتردية وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام) ، (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) ، (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) ، (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ، وتمام بيان الطهر في قوله : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ، (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) ، (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) ، (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ) ، وقوله : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ).
قوله : (مدنية) أي نزلت بعد الهجرة ، وإن كان بعضها نزل بمكة ، كقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) فإنها نزلت عام الفتح ، وقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فإنها نزلت بعرفة في حجة الوداع ، والنبي صلىاللهعليهوسلم واقف بعرفة فقرأها النبي في خطبته وقال : «يا أيها الناس إن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا ، فأحلوا حلالها ، وحرموا حرامها» ، وإنما خصها بذلك ، وإن كان كل سورة يجب تحليل حلالها ، وتحريم حرامها اعتناء بشأنها.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) العبرة بعموم اللفظ ، وإن كان الخطاب لأهل المدينة. قوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) أي ما عقده الله وعهده عليكم من التكاليف والأحكام الدينية ، ومن هنا قالوا أمور الدين أربعة : الصحة في العقد ، والصدق في القصد ، والوفاء بالعهد ، واجتناب الحد. قوله : (العهود) أشار بذلك إلى أن المراد بالعقد ، العقد المعنوي ، وهو العهد المشبه بعقد الحبل ، وقوله : (المؤكدة) أخذ ذلك