وبالجر على الجوار (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) أي معهما كما بينته السنة وهما العظمان الناتئان في كل رجل عند مفصل الساق والقدم والفصل بين الأيدي والأرجل المغسولة بالرأس الممسوح يفيد وجوب الترتيب في طهارة هذه الأعضاء وعليه الشافعي ويؤخذ من السنة وجوب النية فيه كغيره من العبادات (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) فاغتسلوا (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) مرضا يضره الماء (أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي مسافرين (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) أي أحدث (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) سبق مثله في آية النساء (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) بعد طلبه (فَتَيَمَّمُوا) اقصدوا (صَعِيداً طَيِّباً) ترابا طاهرا (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) مع المرفقين (مِنْهُ) بضربتين والباء للإلصاق وبينت السنة أن المراد استيعاب العضوين بالمسح (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) ضيق بما فرض عليكم
____________________________________
عن عاصم ، وقوله : (والجر) أي وهي لباقي السبعة. قوله : (على الجوار) أي فهو في المعنى منصوب بفتحة مقدرة على آخره ، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المجاورة ، واعترض هذا الحمل بأنه لم يرد الجر بالمجاورة إلا في النعت ، ومع ذلك هو ضعيف ، والأولى أن يقال إنه مجرور لفظا ، ومعنى معطوف على الرؤوس والمسح مسلط عليه ، ويحمل على حالة لبس الخف ، أو يقال إن المراد بالمسح الغسل الخفيف ، وسماه مسحا ردا على من يتبع الشك ويسرف في الماء وهو بعيد. قوله : (وهما) أي الكعبان. قوله : (عند مفصل) بفتح الميم وكسر الصاد ، وأما بكسر الميم وفتح الصاد فهو اللسان ، ويجب على الإنسان في غسل رجليه أن يتتبع العقب بالغسل لما في الحديث : «ويل للأعقاب من النار» وتسن الزيادة على محل الفرض عند الشافعي ، وفسر بها الغرة والتحجيل الواردين في الحديث ، وكره مالك ذلك ، وفسر الغرة والتحجيل بإدامة الطهارة. قوله : (والفصل) هو مبتدأ وخبره (يفيد) وقصده بذلك تتميم الفرائض السنة عند الشافعي ، ومحصل ذلك أن الواو وإن كانت لا تقتضي ترتيبا لكن وجدت قرينة تفيد الترتيب وهو الفصل بين المغسولات بالرأس الممسوح ، لكن يقال إن ذلك ظاهر في غير الوجه مع الأيدي ، وعند مالك ليس الترتيب فرضا. وإنما هو سنة إبقاء للواو على ظاهرها ولم يعتبر تلك القرينة. قوله : (وجوب النية فيه) أي لأنه عبادة ، وكل عبادة تحتاج لنية ، فتحصل أن فرائض الوضوء عند الإمام الشافعي ستة : الأربعة القرآنية ، والنية ، والترتيب. وعند مالك سبعة : الأربعة ، والنية ، والموالاة بأن لا يفرق بين أجزائه تفريقا متفاحشا ، والتدليك وهو إمرار باطن الكف على الأعضاء. وعند الحنفية الأربعة القرآنية لا غير.
قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) أي بمغيب الحشفة ، أو خروج المني بلذة معتادة في اليقظة ، أو مطلقا في النوم ، أو الحيض ، أو النفاس ، لأن الخطاب عام للذكور والإناث. قوله : (أي أحدث) أي فالمجيء من الغائط كناية عن الحدث ، وعبر عنه بالغائط ، لأن العادة قضاء الحاجة في الغائط ، بمعنى المكان المنخفض. قوله : (سبق مثله) أي فيقال هنا جامعتم أو جسستم باليد. قوله : (مع المرفقين) أي فهو فرض عند الشافعي حملا على آية الوضوء ، وعند مالك مسح المرفقين سنّة ، وإنما الفرض للكوعين. قوله : (بضربتين) أي فهما فرض عند الشافعي ، وعند مالك الأولى فرض والثانية سنّة. قوله : (وبينت السنة