الشمس لم تحبس على بشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس (وَاتْلُ) يا محمد (عَلَيْهِمْ) على قومك (نَبَأَ) خبر (ابْنَيْ آدَمَ) هابيل وقابيل (بِالْحَقِ) متعلق باتل (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) إلى الله وهو كبش لهابيل وزرع لقابيل (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) وهو هابيل بأن نزلت نار من السماء فأكلت قربانه
____________________________________
في طاعة الله ، وأنا في طاعة الله ، فسأل الشمس أن تقف ، والقمر أن يقيم ، حتى ينتقم من أعداء الله قبل دخول السبت ، فردت عليه الشمس وزيد في النهار ساعة حتى قتلهم أجمعين ، ثم تتبع ملوك الشام فقتل منهم إحدى وثلاثين ملكا ، حتى غلب على جميع أرض الشام ، وصارت الشام كلها لبني إسرائيل ، وفرق عماله في نواحيها ، ثم مات يوشع ودفن بجبل إبراهيم ، وكان عمره مائة وستا وعشرين سنة ، وتدبيره أمر بني إسرائيل بعد موسى سبعا وعشرين سنة. قوله : (لم تحبس على بشر) أي قبل يوشع ، وإلا فقد حبست لنبينا مرتين يوم الخندق ، حين شغل هو وأصحابه عن صلاة العصر حتى غربت الشمس ، فردها الله عليه حتى صلى العصر ، وصبيحة ليلة الإسراء حين انتظر قدوم العير ، وزيد في رواية مرة لعلي بن أبي طالب حين كان النبي نائما على فخذه ، ولم يكن صلى العصر ، فما استيقظ حتى غربت الشمس ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اللهم عليا في طاعتك وطاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس حتى يصلي العصر». قوله : (ليالي سار) أي أيام سيره ، أي توجهه لقتالهم.
قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) معطوف على العامل المحذوف في قوله : (أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) عطف قصة على قصة ، أي اذكر ما وقع من بني إسرائيل ، واتل عليهم نبأ ابني آدم الخ. قوله : (على قومك) أي سواء كانوا يهودا أو نصارى أو مشركين. قوله : (خبر) (ابْنَيْ آدَمَ) أي قصتهما وما وقع لهما. قوله : (هابيل) هو السعيد المقتول ، وقابيل هو الشقي القاتل ، وظاهر الآية أنهما من أولاد آدم لصلبه وهو التحقيق ، ويؤيده قوله فيما يأتي ، فبعث الله غرابا ، وقيل لم يكونا لصلبه بل هما رجلان من بني إسرائيل ، بدليل قوله في آخر القصة ، : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) ، والأول هو الصحيح ، وقابيل هو أول أولاده ، وهابيل بعده بسنة ، وكلاهما بعد هبوطه إلى الأرض بمائة سنة ، وقيل إن قابيل هو وأخته ولدا في الجنة ، ولم تر حواء لهما وحما ولا وصبا ولا دم نفاس ، وأما بقية أولاده فبالأرض ، ولذا كان يفتخر قابيل على هابيل ويقول له : إني ابن الجنة وأنت ابن الأرض ، فأنا خير منك ، وحاصل ذلك أن حواء ولدت لآدم عشرين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى ، فصار الذكور عشرين والإناث كذلك ، فلما قتل قابيل هابيل ، نقصت الذكور عن الإناث فرزقه الله بشيث ومعناه هبة الله ، فتماثل الذكور مع الإناث.
قوله : (بِالْحَقِ) الجار والمجرور ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف صفة لمصدر محذوف تقديره اتل تلاوة ملتبسة بالحق ، أو حال من فاعل أتل عليهم حال كونك ملتبسا بالحق أي الصدق أو حال من المفعول وهو نبأ أي اتل نبأهما حال كونه ملتبسا بالحق ، وكل صحيح ، والمقصود من ذكر هذه القصص الأخبار بما في الكتب القديمة ، لتقوم الحجة على أربابها وغيرهم ، فالأخبار بها من جملة المعجزات.
قوله : (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) أي قرب كل واحد قربانا ، والقربان ما يقرب به إلى الله. وذلك أنه كان في شرع آدم ، إذا كبر أولاده زوج ذكر هذه البطن لأنثى بطن أخرى ، فأمره الله أن يزوج قابيل أخت هابيل وكانت دميمة ، وهابيل أخت قابيل وكانت جميلة ، فرضي هابيل وأبى قابيل ، وقال : إنك تأمرنا برأيك لا