رحمة لهما وعذابا لأولئك وسأل موسى ربه عند موته أن يدنيه من الأرض المقدس رمية بحجر فأدناه كما في الحديث ونبىء يوشع بعد الأربعين وأمر بقتال الجبارين فسار بمن بقي معه وقاتلهم وكان يوم الجمعة ووقفت له الشمس ساعة حتى فرغ من قتالهم وروى أحمد في مسنده حديث إن
____________________________________
مت ، قال : فعد إلى مضجعك. وروي أن موسى خرج ليقضي حاجته ، فمر برهط من الملائكة يحفرون قبرا لم ير شيئا أحسن منه ، ولا مثل ما فيه من الخضرة والنضرة والبهجة ، فقال لهم : يا ملائكة الله لم تحفرون هذا القبر؟ فقالوا : لعبد كريم على ربه ، فقال : إن هذا العبد لمن الله بمنزلة ما رأيت كاليوم أحسن منه مضجعا ، فقالت الملائكة : يا صفي الله أتحب أن يكون لك؟ قال : وددت ، قالوا فانزل واضطجع فيه وتوجّه إلى ربك ، قال : فنزل فاضطجع فيه وتوجه إلى ربه ، ثم تنفس أسهل نفس ، فقبض الله تعالى روحه ، ثم سوت عليه الملائكة التراب ، وقيل إن ملك الموت أتاه بتفاحة من الجنة فشمّها فقبض الله روحه ، وقيل إنه روي أن ملك الموت جاءه وقال له : أجب أمر ربك ، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها ، فقال ملك الموت : يا رب إنك أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت وقد فقأ عيني ، قال فرد الله تعالى عينه وقال له ارجع إلى عبدي فقل له : الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة ، فضع يدك على متن ثور ، فما وارت يدك من شعره فإنك تعيش بكل شعرة سنة ، قال : ثم ما ذا؟ قال : ثم تموت ، قال : فالآن من قريب ، قال : رب أدنني من الأرض المقدسة رمية حجر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطور عند الكثيب الأحمر. ورواية فقء عين ملك الملك متكلم فيها ، وعلى فرض ورودها ، ففقء عين الملك من خصوصيات موسى ، لأن الملك لا تحكم عليه الصورة ، ولا يقال إن هذا جناية حرام ، لأننا نقول إنه فقأ عين الصورة المتشكل فيها ، لا الصورة الأصلية ، وقصده بتلك الفعلة نهيه عن أن يأتي للمؤمن في صورة فظيعة ، كما قرره أشياخنا قوله : (وكان رحمة لهما) أي وكذا يوشع وكالب ، وذلك كنار إبراهيم ، فإنها جعلت عليه بردا وسلاما. قوله : (وعذابا لأولئك) أي من حيث السير ، وقد أنعم الله عليهم في التيه بنعم عظيمة ، منها أنهم شكوا لموسى حالهم من الجوع والعري ، فدعا الله تعالى فأنزل عليهم المن والسلوى ، وأعطاهم من الكسوة ما يكفيهم كل واحد على مقدار هيئته ، وشكوا له العطش ، فأتى موسى بحجر من جبل الطور ، فكان يضربه بعصاه فيخرج منه اثنتا عشرة عينا ، وشكوا الحر ، فأرسل الله عليهم الغمام يظلهم ، وكان يطلع عمود من نور يضيء لهم بالليل ولا تطول شعورهم ، وإذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر ، يطول بطوله ويتسع بقدره. قوله : (أن يدنيه) أي يقربه من الأرض المباركة ، أي يدفن بقربها لكونها مطهرة مباركة ، ويؤخذ من ذلك ، أن الإنسان ينبغي له أن يتحرى الدفن في الأرض المباركة بقرب نبي أو ولي ، وإنما لم يسأل الدفن فيها خوفا من أن يعرف قبره فيفتتن به الناس. قوله : (بعد الأربعين) أي مدة التيه. قوله : (بمن بقي) أي وهم أولادهم الذين لم يبلغوا العشرين سنة حين أخذ الميثاق. قوله : (وقاتلهم) روي أن الله نبأ يوشع بعد موت موسى ، وأخبرهم أن الله قد أمرهم بقتال الجبابرة فصدقوه وبايعوه ، فتوجه ببني إسرائيل إلى أريحا ومعه تابوت الميثاق ، وأحاط بمدينة أريحا ستة أشهر ، وفتحوها في الشهر السابع ودخلوها ، فقاتلوا الجبارين وهزموهم وهجموا عليهم يقتلونهم ، وكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها ، وكان القتال يوم الجمعة ، فبقيت منهم بقية ، وكادت الشمس تغرب وتدخل ليلة السبت ، فقال : الههم أردد الشمس علي ، وقال للشمس : إنك