قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ) بالتنوين ورفع ما بعده أي فعليه جزاء هو (مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) أي شبهه في الخلقة وفي قراءة بإضافة جزاء (يَحْكُمُ بِهِ) أي بالمثل رجلان (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) لهما فطنة يميزان بها أشبه الأشياء به وقد حكم ابن عباس وعمر وعلي رضي الله عنهم في النعامة ببدنة ، وابن عباس وأبو عبيدة في بقر الوحش وحماره ببقرة ، وابن عمر وابن عوف في الظبي بشاة ، وحكم بها ابن عباس وعمر وغيرهما في الحمام لأنه يشبهها في العب (هَدْياً) حال من جزاء (بالِغَ الْكَعْبَةِ) أي يبلغ به الحرم فيذبح فيه ويتصدق به على مساكينه ولا يجوز أن يذبح حيث كان ونصبه نعتا لما قبله وإن أضيف لأن إضافته لفظية لا تفيد تعريفا فإن لم يكن للصيد مثل من النعم كالعصفور والجراد فعليه قيمته (أَوْ) عليه (كَفَّارَةٌ) غير الجزاء وإن وجده هي (طَعامُ مَساكِينَ) من غالب قوت البلد ما يساوي قيمة الجزاء لكل مسكين مد وفي قراءة بإضافة كفارة لما بعده وهي للبيان (أَوْ) عليه (عَدْلٍ) مثل (ذلِكَ) الطعام (صِياماً) يصومه عن كل مد يوما وإن وجده
____________________________________
قوله : (وَمَنْ قَتَلَهُ) من اسم شرط جازم ، وقتل فعل الشرط ، وقوله : (فَجَزاءٌ) مبتدأ خبره محذوف قدره المفسر بقوله : (فعليه) وقوله : (مِثْلُ) خبر لمحذوف تقديره هو مثل ، والجملة جواب الشرط ، والمعنى أن ما قتله المحرم أو من في الحرم ، أو له مدخل في قتله ، فعليه جزاؤه ، وهو ميتة لا يجوز أكله ، ويقدم المضطر ميتة غيره عليه. قوله : (مُتَعَمِّداً) سيأتي للمفسر أنه لا مفهوم وله ، بل الخطأ والنسيان كذلك ، إلا أن الحرمة مختصة بالمتعمد. قوله : (مِنَ النَّعَمِ) أي الإنسية وهي الإبل والبقر والغنم ، والجار والمجرور حال من مثل أو صفة له. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (بإضافة جزاء) إن قلت على هذه القراءة يقتضي أن الجزاء لمثل المقتول لا للمقتول نفسه مع أنه ليس كذلك. أجيب بأجوبة منها : أن الإضافة بيانية ، ومنها أن مثل زائدة ، ومنها أن جزاء مصدر مضاف لمفعوله ، أي أن يجازى القاتل مثل المقتول حال كون المثل من النعم. قوله : (رجلان) قدره إشارة إلى أن ذوا صفة لموصوف محذوف.
قوله : (ذَوا عَدْلٍ) أي عدل شهادة. قوله : (يميزان بها) أي بتلك الفطنة أي العقل الزكي قوله : (وقد حكم ابن عباس) أي وحكم الصحابة المذكور بين أصول المماثلة ، وأما جزئيات الوقائع ، فلا بد لكل واحدة من حكم إلى يوم القيامة ، لاختلاف الصيد بالكبر والصغر ، ولا بد من كون الجزاء المحكوم به يجزىء ضحية عند مالك. قوله : (في النعامة) أي ومثلها الزرافة والفيل ، وقوله : (في الظبي) أي ومثله الضب. قوله : (لأنه يشبهها في العب) أي شرب الماء بلا مص ، وهذا التعليل للإمام الشافعي ، وقال مالك بوجوب الشاة في خصوص حمام مكة ويمامة تعبدا ، فإن لم يكن شاة فصيام عشرة أيام من غير تقويم ولا حكم ، وحمام غيرها وسائر الطيور ليس فيه إلا قيمته طعاما أو عدله صياما. قوله : (حال من جزاء) ويصح أن يكون تمييزا ، وأن يكون مفعولا مطلقا والتقدير يهديه هديا. قوله : (فعليه) أي طعاما لكل مسكين مد ، أو يصوم عن كل مد يوما ، فهو مخير بين أمرين فيما لا مثل له ، وبين ثلاثة فيما له مثل. قوله : (وإن وجده) أي الجزاء وهو مبالغة في الكفارة ، أي الكفارة عليه ، هذا إذا لم يجد الجزاء ، بل وإن وجده. قوله : (لكل مسكين) أي من مساكين المحل الذي هو به ، وأما الصيام فلا يختص بزمان ولا مكان. قوله :