(بِهِ) بالماء (نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) ينبت (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ) أي النبات شيئا (خَضِراً) بمعنى أخضر (نُخْرِجُ مِنْهُ) من الخضر (حَبًّا مُتَراكِباً) يركب بعضه بعضا كسنابل الحنطة ونحوها (وَمِنَ النَّخْلِ) خبر ويبدل منه (مِنْ طَلْعِها) أول ما يخرج منها والمبتدأ (قِنْوانٌ) عراجين (دانِيَةٌ) قريب بعضها من بعض (وَ) أخرجنا به (جَنَّاتٍ) بساتين (مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً) ورقهما حال (وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) ثمرهما (انْظُرُوا) يا مخاطبين نظر اعتبار (إِلى ثَمَرِهِ) بفتح الثاء والميم وبضمهما وهو جمع ثمرة كشجرة وشجر وخشبة وخشب (إِذا أَثْمَرَ) أول ما يبدو كيف هو (وَ) إلى (يَنْعِهِ) نضجه إذا أدرك كيف يعود (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ) دلالات على قدرته تعالى
____________________________________
إشارة إلى أن نعمه عظيمة. قوله : (بِهِ) الباء للسببية. قوله : (فَأَخْرَجْنا) بيان لما أجمل أو لا. قوله : (خَضِراً) يقال خضر الشيء فهو خضر وأخضر ، كعور فهو عور وأعور ، وقدر المفسر (شيئا) إشارة إلى أن خضرا صفة لموصوف محذوف.
قوله : (وَمِنَ النَّخْلِ) شروع في تفصيل حال الشجر ، بعد ذكر عموم النبات ، لمزيد الرغبة فيه. قوله : (ويبدل منه) أي بدل بعض من كل. قوله : (أول ما يخرج منها) أي قبل انفلاق الكيزان عنه ، فإذا انفلقت عنه سمي عذقا. قوله : (قِنْوانٌ) جمع قنو كصنو وصنوان ، وهذا الجمع يلتبس بالمثنى دون حالة الوقت ، ويتميز المثنى بكسر نونه ، والجمع بتوارد حركات الإعراب عليه وبالإضافة ، فتحذف نون المثنى دون الجمع ، فنقول هذا قنواك ، وفي الجمع هذه قنوانك ، وبالنسب فإذا نسبت إلى المثنى رددته إلى المفرد فقلت قنوي ، وإذا نسبت إلى الجمع أبقيته على حاله فقلت قنواني. قوله : (عراجين) جمع عرجون قيل هي الشماريخ ، وقيل هي السائط ، ولا شك أن الشماريخ قريب بعضها من بعض ، والسبائط كذلك ، واعلم أن أطوار النخل سبع كالإنسان ، يجمعها قولك طاب زبرت ، فأولها الطلع ، ثم الاغريض ، ثم البلح ، ثم الزهو ، ثم البسر ، ثم الرطب ، ثم التمر ، وفي الحديث «أكرموا عمتكم النخلة» ولهذه الأمور قدم على ما بعده.
قوله : (وَجَنَّاتٍ) معطوف على نبات ، من عطف الخاص على العام ، والنكتة مزيد الشرف لكونها من أعظم النعم ، وكذا قوله : (الزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) معطوفان على النبات. ويكون قوله : (وَمِنَ النَّخْلِ) الخ معترضا بين المعطوف والمعطوف عليه اعتناء بشأن النخل لعظم منته ، ويصح عطف جنات على خضر ، وهذا على قراءة الجمهور ، وقرى شذوذا برفع جنات والزيتون والرمان ، وخرج على أنه مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره ومن الكرم جنات. قوله : (مُشْتَبِهاً) يقال مشتبه ومتشابه بمعنى. قوله : (نظر اعتبار) أي تفكروا في مصنوعاته لتعلموا أن ربكم هو القادر المريد لما يشاء ، فتفردوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئا. قوله : (وهو جمع ثمرة) أي المفتوح والمضموم ، وقوله : (كشجرة وشجر) راجع للمفتوح ، وقوله : (وخشبة وخشب) راجع للمضموم ، فهو لف ونشر مرتب. قوله : (وَيَنْعِهِ) مصدر ينع بكسر النون يينع بفتحها كتعب يتعب ويصح العكس ، وقرىء بضم الياء ، والمعنى تفكروا وتأملوا ابتداء الثمر ، حيث يكون بعضه مرا وبعضه ملحا لا ينتفع بشيء منه ، وانتهاؤه إذا نضج فإنه يعود حلوا تسقى بماء واحد ، ونفضل بعضها على بعض في الأكل.