بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة النّساء
مدنيّة
وآياتها ست وسبعون ومائة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّاسُ) أي أهل مكة (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) أي عقابه بأن تطيعوه (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) آدم (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) حواء بالمد من ضلع من
____________________________________
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة النساء
مدنية مائة وخمس أو ست أو سبع وسبعون آية
مدنية أي كلها ، وإن خوطب بمطلعها أهل مكة ، لأن القاعدة أنه متى قيل في القرآن (يا أَيُّهَا النَّاسُ) كان خطابا لأهل مكة ، ومتى قيل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) كان خطابا لأهل المدينة. قوله : (وخمس أو ست) أو لتنويع الخلاف فهي مائة وسبعون جزما والخلاف فيما زاد. قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) الخطاب للمكلفين عموما ، ذكورا وإناثا ، إنسا أو جنا ، لأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، وليس مخصوصا بمن كان موجودا وقت النزول ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، قال تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ).
قوله : (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) أي امتثلوا أوامره واجتبوا نواهيه ، ولذلك يحصل بالإسلام ، فإنّ المسلم العاصي قد اتّقى الشرك وهو أعظم المنهيات بالإيمان وهو أعظم المأمورات ، لكن يقال لها تقوى عامة ، وتقوى الخواص هي اجتناب المنهيات جميعها ، وامتثال المأمورات على حسب الطاقة ، وتقوى خواص الخواص هي الانهماك في طاعة الله ، وعدم الشغل بغيره ولو مباحا ، والآية صادقة بهذه المراتب كلها.
قوله : (الَّذِي خَلَقَكُمْ) تأكيد للأمر المتقدم ، فالمعنى اتّقوا الله لأنه مالككم ومربيكم ، ومن أوصافه أنه خلقكم وأنشأكم من نفس واحدة ، فمن كان بهذه الصفات فهو أحق بأن يتقى ، لأنه لا استغناء عنه ، بل كان من خلقه مفتقر إليه في كل لمحة وطرفة ولحظة ، وفي ذلك إشارة إلى أن التقوى تكون في حق بعضنا بعضا لأن أصلنا واحد ، فواجب علينا اتقاء ربنا لأنه الخالق لنا ، واتقاء بعضنا بعضا لأننا كلنا من أصل واحد.
قوله : (وَخَلَقَ مِنْها) أي من تلك النفس الواحدة. قوله : (زَوْجَها) يقال في الأنثى زوج