أضلاعه اليسرى (وَبَثَ) فرق ونشر (مِنْهُما) من آدم وحواء (رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) كثيرة (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ) فيه إدغام التاء في الأصل في السين وفي قراءة بالتخفيف بحذفها أي تتساءلون (بِهِ) فيما بينكم حيث يقول بعضكم لبعض أسألك بالله وأنشدك بالله (وَ) اتقوا (الْأَرْحامَ) أن تقطعوها وفي قراءة بالجر عطفا على الضمير في به وكانوا يتناشدون بالرحم (إِنَ
____________________________________
وزوجة ، والأفصح الأول. قوله : (حوّاء) بالمد سميت بذلك لأنها خلقت من حي. قوله : (من ضلع من أضلاعه) أي بعد أن أخذ ، النوم ولا يشعر بذلك ولم يتألم ، فلما استيقظ من النوم وجدها فمال إليها فأراد أن يمد يده إليها ، فقالت له الملائكة مه يا آدم حتى تؤدي مهرها ، قال فما مهرها؟ قالوا حتى تصلي على النبي صلىاللهعليهوسلم ، في رواية ثلاث صلوات ، وفي رواية سبعة عشر ، وفي ذلك إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسّلام الواسطة لكل موجود حتى أبيه آدم. إن قلت : حيث كانت حواء مخلوقة من ضلع آدم فهي أخت لأولاده ، فمقتضاه أنه يحل لمن يخلق منها التزوج بها في شرعه. أجيب : بأن تفرع حواء من آدم ليس كتفرع الولد من الوالد ، بل نباتها من الضلع كما تنبت النخلة من النواة ، فلا يحكم عليها بأنها بنت آدم ويقال لها أخت أولاده ، بل هي أمهم لا غير ، واختلف هل كان خلق حواء خارج الجنة ، وبه قال جماعة ، وقال ابن عباس وجماعة أنه كان داخل الجنة ، ولا مانع من كونه أخذه النوم فيها ، لأن الممنوع النوم بعد دخولها يوم القيامة. قوله : (وَنِساءً) (كثيرة) أشار بذلك إلى أن في الآية اكتفاء ، ورد أن حواء حملت من آدم عشرين بطنا ، أو أربعين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى ، وكان يزوج ذكر هذه البطن لأنثى البطن الأخرى ، فنزلت اختلاف البطون منزلة اختلاف الآباء والأمهات ، وما مات حتى اجتمع من ذريته مباشرة وبواسطة فوق المائة ألف يشتغلون بأنواع الصنائع والتجارة.
قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) معطوف على قوله : (اتَّقُوا رَبَّكُمُ). قوله : (الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) أي يقسم بعضكم على بعض به لأنه عظيم جليل ، فحيث كان كذلك فهو أحق بأن يتقى. قوله : (فيه إدغام التاء الخ) أي فأصله تتساءلون به ، قلبت التاء سينا ثم أدغمت في السين وإنما قلبت التاء سينا لقرب مخرجيهما. قوله : (يحذفها) أي التاء الثانية وحذفت تخفيفا. قال ابن مالك :
وما بتاءين ابتدى قد يقتصر |
|
فيه على تا كتبين العبر |
قوله : (حيث يقول بعضكم الخ) أي فيدخل الحمى ولا يتعرض له ، وكان ذلك في الجاهلية ، والمعنى اتقوا الله لأنه ربكم وخالقكم من نفس واحدة ، ولأنه عظيم يقسم به وتقضى الحوائج باسمه. قوله : (وَالْأَرْحامَ) هكذا بالنصب معطوف على لفظ الجلالة ، والعامل فيه اتقوا ، ولذا قدره المفسر ، وقوله : (أن تقطعوها) إشارة إلى أن الكلام على حذف مضاف تقديره واتقوا قطع الأرحام لما في الحديث : «الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله ، ومواصلة الأرحام تختلف باختلاف الناس ، فمنهم الغني والفقير ، فالواجب على الغني المواصلة بالهدايا والتحف والكلام اللين ، وعلى الفقير باللين والسعي لهم ومعاشرتهم بالمعروف ، ولا فرق بين الأحياء والأموات». قوله : (وفي قراءة بالجر) أي مع تخفيف تساءلون وهي لحمزة ، وأما قراءة النصب فبالتشديد والتخفيف ، فالقراءات ثلاثة وكلها سبعية. قوله : (عطفا على الضمير في به) أي من غير عود الخافض ، وهي وإن كانت لغة فصيحة