الإمام العلامة المحقق جلال الدين محمد بن أحمد المحلي الشافعي رحمهالله ، وتتميم ما فاته وهو من أول سورة البقرة إلى آخر الإسراء بتتمة على نمطه من ذكر ما يفهم به كلام الله تعالى والاعتماد
________________________________
أن تفسير النصف الثاني قد احتوى على المعنى العزيز ، وانطوى على اللفظ الوجيز ، فلم ينسج أحد على منواله. قوله : (الراغبين) أي : المحبين والمريدين لتكميل هذا الكتاب بالتأليف ، وتستعمل الرغبة متعدية بنفسها ، وبفي في المحبة والميل ، ومتعدية بعن للزهد في الشيء والكراهية له. قوله : (تفسير القرآن) المراد منه ما يعم التأويل ، والفرق بينهما أن التفسير هو التوضيح لكلام الله أو رسوله أو الآثار أو القواعد الأدبية العقلية ، وأما التأويل فهو أن يكون الكلام محتملا لمعان فتقصره على بعضها كما في (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) والقرآن في اللغة مأخوذ من القرء وهو الجمع ، وفي الإصطلاح اللفظ المنزل على النبي صلىاللهعليهوسلم المتعبد بتلاوته ووصفه بالكريم ، لأن نفعه ليس قاصرا بل عم الخلق جميعا في الدنيا والآخرة. واعلم أن المدرسين وإن تباينت مراتبهم في العلم ، ثلاثة أصناف ، الأول : من إذا درس آية اقتصر على ما فيها من المنقول ، وأقوال المفسرين ، وأسباب النزول ، والمناسبة ، وأوجه الإعراب ، ومعاني الحروف. والثاني : من يأخذ في وجوه الإستنباط منها ، ويستعمل فكره بمقدار ما آتاه الله من الفهم ، ولا يشتغل بأقوال السابقين اعتمادا على كونها موجودة في بطون الأوراق لا معنى لذكرها. والثالث : من يرى الجمع بين الأمرين والتحلي بالوصفين ، ولا يخفى أنه أرفع الأصناف ، ومن هذا الصنف الجلال المحلي والجلال السيوطي رضي الله عنهما وعنا بهما.
قوله : (الذي ألفه) صفة للتفسير مخصصة له. قوله : (الإمام) هو لغة المقدم واصطلاحا من بلغ رتبة أهل الفضل. قوله : (العلامة) مبالغة في العلم ، ومعناه الجامع بين المعقول والمنقول بأبلغ وجه. قوله : (المحقق) أي الآتي بأدلة على الوجه الحق. قوله : (جلال الدين) لقب له ومعناه ذو جلالة في الدين أو مجل ومعظم له لأنه شيده وأظهر قواعده. قوله : (محمد) هو اسمه ، وقوله : (ابن أحمد) هو اسم أبيه. قوله : (المحلي) بفتح الحاء نسبة للمحلة الكبرى مدينة من مدن مصر مشهورة ولد سنة سبعمائة وإحدى وتسعين وتوفي سنة ثمانمائة وأربع وستين ، فعمره ثلاث وسبعون ، وقبر قبالة باب النصر مشهور. قوله : (الشافعي) نسبة للإمام أبي عبد الله محمد بن ادريس.
قوله : (وتتميم) بالرفع عطف على ما في قوله ما اشتدت إليه حاجة الراغبين ، أو بالجر عطف على قوله في تكملة تفسير القرآن وذكره ، وإن علم مما قبله توطئة للأوصاف التي ذكرها بقوله على نمطه الخ ، وفي التعبير بالتتميم تسمح من حيث إن ما أتى به السيوطي تتميم لما أتى به المحلي لا لما فاته ، إذ الذي فاته هو نفس ما أتى به السيوطي. وقوله : (وهو من أول الخ) الضمير راجع لما فاته أو للتتميم ، لما علمت أن ما فاته والتتميم مصدوقهما واحد وهو تفسير السيوطي. وقوله : (من أول سورة البقرة إلخ) أي وأما الفاتحة ففسرها المحلي ، فجعلها السيوطي في آخر تفسير المحلي لتكون منضمة لتفسيره ، وابتداء هو من أول البقرة. قوله : (بتتمة) متعلق بتتميم والباء بمعنى مع ، أي هذا التتميم الذي أتى به السيوطي تفسيرا للنصف الأول مصاحب لتتمة ، والمراد بها ما ذكره بعد فراغه من سورة الإسراء بقوله هذا آخر ما كملت به تفسير القرآن الكريم إلخ. قوله : (على نمطه) حال من التتميم ، أي حال كون هذا التتميم كائنا على نمط تفسير المحلي أي طريقته وأسلوبه. قوله : (من ذكر ما يفهم إلخ) بيان للنمط.